إضفاء لغة التباكي وإظهار نبرة الحزن وتصوير الخروج مع الطلاب من دماج عدا السكان الأصليين على أنه طرد وظلم مشين هو نوع آخر من التحريض المبطن الظاهر الذي مارسه الكثير وما زالوا يمارسونه حتى آخر لحظة قضت بالاتفاقية والصلح الموقّع عليه برضا جميع الأطراف وبإشراف اللجنة الرئاسية. للأسف أن يستمر البعض خصوصاً الذين يقفون خارج المشهد ليمارسوا هوايتهم المفضلة في الإثارة وتأدية دور غير أخلاقي وإنساني واصطياداً في الماء العكر بطريقة فجة وواضحة تلبيساً على الناس إن فعلهم من باب الإنسانية والنصرة والأخوة وكأن البقية أعداء وليسوا جميعاً سواء في الدين!. مع أن التمثيل الذي يقومون به يعرفه السلفيون أصحاب الشأن أنه ليس حباً في يزيد بقدر ما هو كراهية بيزيد. خروج البعض من دماج مع بقاء السكان الأصليين واستمرار التدريس في المركز والتعويض مقابل العقارات والممتلكات كان حلاً وسطاً ومن ضمن نقاط عديدة لكن البعض كأنه لا يريد حل المشكلة ويتمنى إبقاء الأجواء متوترة ومشحونة دون إيجاد أي مخرج آخر يحافظ على ما تبقى. عملية تحوير الخروج بذلك الشكل يعد تحريضاً واضحاً يؤدي إلى إيغار النفوس المجروحة جراء الحرب ويهدف إلى إبقاء الأجواء مشحونة ومتوترة تفكر بالانتقام مع قادم الأيام المقبلة. صحيح أن النقطة تلك يبدو ظاهرها ظلماً في حق السلفيين لكنها لا تعتبر حلاً مكتملاً وجذرياً للمشكلة، إذ تظل في نهاية الأمر حلاً مسكناً كنوع من الحلول المهدئة. الحل الحقيقي هو مراجعة الخطاب لدى الطرفين وبالخصوص الطرف الذي لا هم له سوى استئصال الآخر وضرب ثقافته وإدواش الناس بخطره وجعله الشغل الشاغل طوال حياته وخطبه ومحاضراته وفتاواه. فالحرب بدايتها كلمة فما بالك بكل تلك المصنفات وتهويل خطر الآخر المشترك معه في أهم أسس الدين. على السلفيين أن يستفيدوا جيداً من الأحداث التي مرت وأن يركزوا جيداً على اكتشاف أطراف عملت على استغلالهم ووقوعهم في الفخ لتحقيق مآرب أخرى عليهم التنبه لذلك.. هناك من يعمل لجرهم وتحويلهم من مدرسة سلفية تعنى بالتراث السني إلى التحول إلى مدرسة جهادية ضد مخالفيهم في بعض الأفكار والمنهج واستخدامهم ورقة ليصبحوا كإحدى الجماعات المنتشرة في عديد من البلدان ورحم الله الشيخ مقبل الوادعي الذي رغم اختلافه مع الجميع إلا أنه لم يوصل طلابه إلى النقطة القاتلة.