لو أمكن استقصاء معلومات ومصادر حول كيفية وأين يتركّز السلفيون في الحديدة، وفي أي مكان، وما خلفياتهم الساندة الآن، وما حجم ما قد يشكّلونه من خطر أو إيذاء على مواطنين وأحياء بعينها من عدمه، كيف وضعهم, هل يمكن وصف وضعهم في صورة تقرير إنساني مختصر لهم وعليهم في حال إحداث تجاوزات أو انتهاكات ضد مواطنين أو تجاههم من غيرهم, تقرير يشرح عبر استقاء معلومة طبيعة وملمح نزوحهم إلى الحديدة وما مآلات ذلك. ما وجه سكوت المجتمع اليمني تجاه “طرد بعض أبناء الجعاشن” مثلاً منذ سنوات من محافظة إب إلى صنعاء وغيرها, مع أن قضية مهجّري الجعاشن لم يتلبسها أي صراع من أي نوع سوى أنها تمثّل مظلومية مجتمعية نتيجة غبن متراكم وغياب العدالة والمساواة في المواطنة بسبب ما غدا موضوعاً نمطياً تداوله أن سبب ذلك غطرسة نافذ جهوي “شيخ” في إب يتبع ذراع “صالح” فيما السلفيون كذراع يتبعون” ولاءات أطراف متشدّدة وأجنحة أيضاً لأحزاب دينية في اليمن بينها بعدي الإصلاح والمؤتمر، وكما يتبدى من صورة استعادة الأخير تحالف مباشر وغير مباشر له مع جماعة الحوثيين أيضاً ربما كنوع من الضغط وإرسال رسائل أن “صالح” لايزال قوياً. غير ذلك يبرز استفهام مفاده: كم سيمكث السلفيون في الحديدة، وما هي وجهاتهم القادمة، وهل يوجد إجراء رسمي من قبل المحافظة حيالهم لعدم التعرُّض لأحد، وهل سيبدون التزاماً كأدوات صراع خلعت عليها أردية “هجرة” وأثواب عاطفة دينية ومجتمعية وصفقات تربح وصناديق عبر منظومة إعلام ومطابخ تملكها أطراف وجهويات تذكي أوار الصراع المذهبي في غير مكان, ومن قبل الطرفين بالطبع, لإرباك حالة يمنية تنتظر عبوراً آمناً إلى فكرة دولة الأقاليم اللا مركزية كما يقال..؟!. ما مدى توجس المواطنين في محافظة الحديدة من تسرُّب جماعات صراع هنا أو هناك، وما حجم عدد تلك الجماعات, وهل توجد مراكز تنفُّذ جهوي مباشر أو غير مباشر خلفها توجّه بوصلتهم إلى أماكن بعينها مثلاً عقب سيناريوهات دماج, وما مصير تركُّزهم في مكان ما دون غيره..؟!. هل أن العوامل الجغرافية والسياسية لطبيعة الصراع والنزوح هي التي أعطت إشارة لواذهم في اتجاه الحديدة، أم أن سيناريوهات أخرى تتهيأ مراكز قوى متنفّذة في محيط البحر والموانئ لتنفيذ أجندات من نوع آخر ضمن مسلسلات الإرباك للحظة اليمنية التي ينتظر فيها الشعب التئام دولة اعتبارية تستعيد نفسها وهيبتها وثقتها في المجتمع خارج الشعارات والزعم والتسويف..؟!. الحاجة مصيرية اليوم في اليمن أرضاً وشعباً لدولة ديمقراطية لا مركزية تؤمّن كرامة المواطن وحقوقه وحرياته جنوباً وشمالاً وانطلاقه في حياة مستقرة قولاً وفعلاً، دولة متحرّرة من كل أدوات الصراع والترندح الجهوي المنفلتة بصراعاتها ما دون وطنية, وهي صراعات معرقلة ويمثّل جوهرها صراع الأضداد بأكثر من بُعد هوياتي وظلامي وكهنوتي لدى مختلف الأطراف التي تغذّي ذلك؛ وهو صراع لا يخدم القضية الوطنية للشعب بقدر ما يؤخّر الزمن في اليمن ويعرقل معادلته السياسية والاستقرار, صراع يتخفّى وراءه طرفان وأكثر لعرقلة بناء دولة طبيعية وعرقلة مستقبل اليمنيين ولحظتهم وأحلامهم في لحظة راهنة وحرجة وتحتاج إلى اصطفاف وطني ويقظة ضمير وأخلاق. [email protected]