معرفة الذات من أرقى المعارف على الإطلاق كونها تهيء الفرد إلى التعامل الصائب مع ذاته، فضلاً عن كونها فرصة سانحة للإمساك بخطام القيادة الخلاقة والمثمرة، والتي تنأى بالشخص عن حياة الفشل وتذبذب الشخصية حال اتخاذ القرارات المصيرية أو الإعلان عن المواقف والآراء علاوة على مساهمتها في عملية التثقيف الرائد، والتنوير السامق، والتوعية المبدعة. فحينما تعرف ذاتك تتمكن من سبر أغوارها، وتتعرف على مكامن معالجة صائبة للمواطن، هذا فضلاً عن أن المعرفة للذات مفتاح التوجيه الذاتي الخصب الذي يعد أول خطوة في طريق النجاح والتفوق في الحياة العملية والأسرية، حتى توجه القدرات والإمكانات توجيهاً أمثل في توجيه وضبط السلوك الإنساني، وردم بؤر الأهواء التي طالما نازعت المبادئ والقيم ليكون لها الغلبة في التوجيه، على أن الإنسان السوي الراشد من تغلب مبادئه وقيمه أهواءه في توجيهه، وفي السيطرة على إنتاج سلوكه اليومي وضبطه صوب الابتعاد عن الاستلاب وحياة الفوضى التي هي ديدن الهوائيين الذين يصادمون الفطرة.. وحينما تعرف ذاتك يتأكد فيك استشعار المسؤولية تجاه ذاتك، فتتعهد حقوقك الشخصية والذاتية بعين العناية والرعاية، فلا تترك مدخلاً لطامع أو طامح لاستلابها، مما يؤهلك إلى التربّع على عرش السعادة، وتمثل حياة التوازن في كل شيء بعيداً عن حياة الاضطراب في السلوك وفي الفكر، والذي يدعك قريباً من ارتداء ثوب الزهو والغرور حتى يصعب عليك تقدير العواقب، فتردي ذات إلا المهالك. والمعرفة للذات تسهل عليك الإنجاز وتدفع بك إلى التألق والإبداع على القاعدة التي تقرر أن الإبداع للجميع والتألق لمن أراد، فعندما تحوز هذا التألق تكون على تصدر القيادة للمجاميع البشرية أقدر حيث يُذكي فيك التألق روح الجد والاجتهاد والمثابرة على إنجاز الأعمال والمهام في سبيل تحقيق الرغبات السوية والطموح الفردي المشروع كي تحيا في وفاق وتوافق دائم مع ذاتك المتوقدة طموحاً. فالذي ينطبق على المستوى الشخصي الفردي في هذه المعرفة يسري لا محالة على المستوى الجماعي، للأمة والشعب والمجاميع والقوى السياسية والثقافية والاجتماعية، وقوى الجيش والأمن بحيث يعرف كل مكون ذاته من أجل توافق ذاتي وجماعي راشد.. والله المستعان على ما يصفون.