كنا نظن وبعض الظن إثم أنه بنجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي اختتم أعماله في الخامس والعشرين من يناير المنصرم سوف يتم إغلاق صفحات الماضي وفتح صفحة جديدة عنوانها «اليمن الجديد» لكن للأسف الشديد فإن بعض القوى والأحزاب والأشخاص لايزالون غير قادرين على مغادرة الماضي والتخلُّص من أدرانه والانطلاق نحو المستقبل بقلوب نظيفة وعقول نيّرة. للأسف لايزال البعض سادرين في غيّهم ينفثون سمومهم عبر كتاباتهم في الصحف والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي «الفيس بوك» لم يستطيعوا بعد أكثر من عامين على تحقيق التوافق السياسي وجلوس جميع الفرقاء على طاولة الحوار وحتى بعد انتهاء مؤتمر الحوار من تنظيف قلوبهم من أدران الحقد والغل والكراهية والبغضاء، ولم يستطيعوا التخلُّص من عقدة الإساءة إلى الآخر وإثارة الأحقاد والضغائن والنعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية والقروية، حيث نجدهم يُوغرون الصدور بكتاباتهم المسمومة، ويعملون جاهدين على تعميق الهوّة بين أبناء الوطن اليمني الواحد، وتفتيت عُرى الأخوّة والمحبّة والتسامح وضرب النسيج الاجتماعي بين أبناء الشعب اليمني. أجزم أن المأزومين الذين أعماهم التعصُّب الحزبي والطائفي والمذهبي والمناطقي والقروي لن يكونوا أبداً معاول لبناء اليمن الجديد، وإنما معاول للهدم والتخريب والتدمير. المأزومون غير القادرين على مغادرة الماضي وطي صفحاته، والتطلُّع إلى المستقبل وفتح صفحة جديدة سيظلّون يمثّلون حجر عثرة أمام مسيرة بناء اليمن الجديد الذي يتطلّع إليه كافة أبناء الشعب اليمني بعيداً عن الحسابات الحزبية والطائفية والمذهبية والمناطقية والقروية والمصالح الشخصية الضيّقة والمخطّطات التدميرية الهادفة إلى تدمير وتمزيق الوطن اليمني أرضاً وإنساناً. اليمن الجديد بحاجة إلى عقول نظيفة وأفكار نيّرة وخطاب ديني وسياسي وإعلامي يوحّد الصفوف ولا يفرّقها، يؤلّف بين القلوب ولا يمزّقها، ويبث روح المحبّة والتسامح بين أبناء الشعب اليمني وليس العكس كما هو حاصل اليوم، فهل لدى القيادات السياسية والحزبية وخطباء المساجد والكتّاب الذين لايزالون أسيري الخطاب التدميري خلال الأزمة السياسية التي عصفت بالوطن في العام 2011م؛ هل لديهم القدرة على مغادرة مربع الأزمة العصيبة وتداعياتها المؤسفة ومغادرة الماضي والانطلاق نحو المستقبل بآفاق رحبة..؟!. من المؤسف أننا مازلنا نتابع عبر شاشات القنوات الفضائية ونقرأ على صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية الحزبية والخاصة وحتى الرسمية خطاباً تحريضياً وكتابات مسمومة تستجر الماضي من خلال إثارة الخلافات والأحقاد والضغائن وتعميق روح الانقسام والانتقام في النفوس، وإذكاء نار الفتنة والطائفية والمذهبية والعصبوية والمناطقية والقروية. ولذلك فإنه يتوجّب على القيادة السياسية ممثّلة بفخامة الأخ عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية دعوة قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية لعقد اجتماع موسّع برئاسته يتم فيه الاتفاق على وقف المناكفات والمماحكات السياسية والحملات الإعلامية المتبادلة، ووضع ميثاق شرف بشأن الخطاب السياسي والإعلامي خلال المرحلة الحالية والقادمة لتهيئة الأجواء الملائمة والمناسبة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني على أرض الواقع. إذ لابد أن يكون الخطاب السياسي والإعلامي الرسمي والحزبي متناغماً ويصبُّ في اتجاه واحد وهو الدفع بعجلة بناء اليمن الجديد قُدماً نحو الأمام وليس البقاء في دوامة الصراعات والخلافات والمماحكات السياسية والحزبية واجترار ما حدث في العام 2011م.