ها نحن نودع عاماً مضى ونستقبل عاماً جديداً أتى.. نودع العام الهجري 1434ه ونستقبل العام الجديد 1435ه.. وكما جرت العادة فإننا نتمنى مع بداية كل عام جديد أن يكون عام خير ورخاء ويتحقق فيه الأمن والاستقرار لوطننا وشعبنا اليمني وكل البلدان والشعوب العربية والإسلامية، ولكن الأمنيات لا تتحقق إلا بالأخذ بالأسباب والسعي الحثيث لتحقيق ذلك.. فالتنمية الشاملة والتقدم والرخاء في كافة مناحي الحياة مطالب مشروعة لكل الشعوب والحياة الرغيدة والاستقرار المعيشي مطالب مشروعة لكل فرد من أفراد المجتمع ،ولكن ذلك لايتحقق بالأمنيات وانتظار حدوث المعجزات ،ولكن ذلك يتحقق باخلاص النيات والتوكل على الله والجد والاجتهاد والمثابرة لبلوغ الأهداف المرجوة.. وجميعنا يدرك أنه بدون توفر الأمن والاستقرار يصبح الحديث عن تحقيق تنمية شاملة وتقدم وازدهار مجرد أحلام بعيدة المنال بل ومستحيلة التحقيق فالأمن قبل الإيمان ،ولذلك فإنه يتوجب على كل العقلاء والخيرين والشرفاء من أبناء شعبنا اليمني العمل على استتباب الأمن والاستقرار ودعم كل الجهود المبذولة لاستعادة الأمن والأمان والاستقرار والسلم الاجتماعي واستعادة هيبة الدولة وفرض النظام والقانون على الجميع دون استثناء أو وساطات أو اعتبارات شخصية أو حزبية أو اجتماعية أو قبلية .. فلابد أن يتساوى جميع أبناء الشعب اليمني أمام الشرع والدستور والقانون.. لابد أن يتعاون كل أبناء اليمن الوطنيين الشرفاء والمحبين للوطن مع الدولة في القضاء على الإرهاب وجرائم الاغتيالات والتقطعات والنهب والسلب والاعتداءات على المنشآت العامة .. يجب أن يرتفع الجميع إلى مستوى المسئولية الدينية والوطنية والتاريخية تجاه الوطن والمصالح العليا للشعب.. يجب أن يتناسى الجميع خلافاتهم الشخصية والحزبية وينتزعوا من صدورهم الأحقاد والضغائن التي خلفتها الأزمة السياسية العصيبة وتداعياتها المؤسفة التي عصفت بالوطن في العام 2011م ومازالت آثارها حاضرة بقوة وستكون نتائجها كارثية لاسمح الله في حال استمرت المماحكات والخلافات الشخصية والحزبية سائدة وتفرض نفسها بقوة في الساحة الوطنية. هل بالإمكان أن نجعل من مناسبة حلول العام الهجري الجديد محطة يتوقف فيها الجميع لحظات أمام ما يجري في الوطن من إثارة للنزعات الانفصالية والطائفية والمذهبية والمناطقية وما يحدث من عمليات إرهابية وجرائم اغتيالات وتقطعات ونهب وسلب وما ترتكب من أعمال خارجة عن النظام والقانون في ظل انفلات أمني غير مسبوق؟.. هل بالإمكان أن يتمعن الجميع حزبيين وسياسيين وعلماء ومفكرين وأصحاب النفوذ من مسئولين ومشائخ وقادة عسكريين وأمنيين فيما يحدث في الوطن ويستشعروا حجم المؤامرة التي تحاك ضد وطننا وشعبنا وحجم الخطر الداهم الذي يتهدد وحدة وطننا وأمنه واستقراره ويتهدد حاضرنا ومستقبل أجيالنا ووجودنا كشعب ووطن ودولة؟ هل يعي الجميع أن المؤامرة الصهيونية كبيرة على أمتنا العربية والإسلامية وأن المخطط الصهيوني العالمي الذي أطلقوا عليه «الشرق الأوسط الجديد» أهدافه واضحة وجلية فما يحدث في بلادنا ومصر وسوريا وليبيا وتونس والعراق والبحرين والصومال ولبنان هو مقدمات لتنفيذ مخطط «الشرق الأوسط الجديد» والذي يعد بمثابة اتفاقية «سايكس بيكو» الثانية لإعادة تقسيم دول الوطن العربي إلى دويلات عدة «أي تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ» حيث يتضمن المخطط تقسيم الدولة الواحدة إلى دويلات عدة على أساس ديني ومذهبي وطائفي ومناطقي، والمتمعن فيما يدور من أحداث سواءً في الساحة اليمنية أو في دول الوطن العربي كافة سيجد أن هناك تغذية للنزعات الانفصالية والمذهبية والطائفية والمناطقية وإثارة الخلافات وتعميق الانقسامات في صفوف المجتمع وأن هناك تنامياً كبيراً للأعمال الإرهابية وتهريب الأسلحة وجرائم الاغتيالات والتقطعات والنهب والسلب والفوضى العارمة، وهذا كله يصب في إطار تنفيذ المخطط الصهيوني العالمي لتقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة لاتملك من أمرها شيئاً وتصبح دولة آل صهيون هي المهيمنة على مقدرات الأمة العربية وهي صاحبة الأمر والنهي في كل شيء والعرب لا يملكون من أمرهم شيئاً. هل بالإمكان أن يتغلب اليمنيون على خلافاتهم وينتصروا على أنفسهم ويغلبوا المصلحة الوطنية العليا على مصالحهم الشخصية والحزبية فيتركوا الماضي خلف ظهورهم ويتوجهوا صوب المستقبل الأفضل فيثبتوا للعالم أجمع أنهم فعلاً كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنهم شعب الإيمان والحكمة بقوله «أتاكم أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة..الإيمان يمان والحكمة يمانية» فهل من الحكمة أن ننبش في جراحات الماضي وآلامه ومآسيه أم العمل على تضميد الجراحات وجبر الضرر والتخلص من أدران الماضي وعدم إثارة الأحقاد والضغائن والفتن والعصبيات الحزبية والمناطقية والمذهبية والطائفية المقيتة؟ قال تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» وقوله تعالى «ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم» صدق الله العظيم. رابط المقال على الفيس بوك