الكلمة الأكثر شهرة، والشعار الأكثر هتافاً به في ثورات الربيع العربية هو «ارحل» «ارحل» لم تعد مجرد كلمة أو شعار عادي؛ بل هو اللفظ الأكثر تعبيراً في فترة من الفترات عن ما عاناه الإنسان من ظلم وقهر وسلب لمقدّراته ومقدّرات وطن، والمعبّر عن نبذ الواقع الملغّم بالمحسوبية والواسطة والرشوة والفساد. «رحل» لم تكن مجرد كلمة، بل كانت تعبيراً عن غصب يتطاير، وشرارة وصل صداها إلى كل أرجاء المعمورة، وهزّ دويّها كل عروش الظلم والجبروت، وبالمقابل كانت ميلاد حياة مختلفة لأفراد عُزّل، رفضوا كل السياسات المتراكمة فوق صدورهم، وأسّسوا واقعاً جديداً لابد أن تأتي أُكله ولو بعد حين. «ارحل» ليس مجرد شعار تردّد بعيداً عن التضحيات، فقد خلّف وراءه شهداء وجرحى ويتامى وثكالى وأرامل وآلاماً نفسية لأطفال تشرّدت أحلامهم من هول ما رأوا من ردّات فعل هذا الشعار الذي هزّ عروش الظلم وزعزع طمأنينة الظالمين. ومع ذلك رحل من رحل، وبقي من بقى لتظل ثورة «11 فبراير» 2011م حُبلى بالمعاناة، ومازالت إلى يومنا هذا غير مكتملة ولا متحقّقة أهدافها، وحالياً هناك من يخرج لاستعادة الثورة في حملة، ومن يحتفل بذكراها كثورة ناجحة، بينما كثير من الجرحى على فرشانهم يحملون قهر الوحدة التي تدمي قلوبهم ووجع الجرح النازف بالألم على كل المستويات الجسدية والإنسانية. الأدهى من ذلك تحوُّل دلالة شعار «ارحل» من شعار يرفض الظلم؛ إلى شعار استغلال يمكن أن يردّده الظالمون أنفسهم لاستغلال البسطاء والمغفلين، فيمكن لأيٍ من الفاسدين أن يجمع حوله “شلّة” ويردد الشعار ليختلط الحابل بالنابل، وأصبحت شعارات الثورة تُستغل للعمل ضد الثورة. هل يا ترانا نعي أن الثورة لم تكن من أجل زعامات شخصية، وإن حاول من حاول أن ينصّب من نفسه زعيماً لها وحامياً لمسيرتها، هل يمكن أن نعي أن الشباب الذين رحلوا عن الحياة استشهدوا وهم يردّدون شعار «ارحل» من أجل اليمن، وليس من أجل شخص أو قبيلة أو عائلة أو..... فهل وصلنا إلى ما كنا نصبو إليه، أم مازالت الأهداف تتركّز على العارضة أو خارج الشباك..؟!.