بطريقة سطحية ومضحكة؛ يقوم «أتباع» الفُرقاء السياسيين بتفسير القرار الأخير لمجلس الأمن الخاص باليمن كل لصالحه وضد خصمه, توظّف بعض المفردات الواردة في القرار بشكل مجتزأ - وأحياناً حتى دون قراءة جادة – للقول مثلاً: القرار يستهدف فقط علي صالح, لا القرار يستهدف أيضاً علي محسن والإصلاح, القرار يستهدف الشعب اليمني.... في حقيقة الأمر إن من يتسنّى له قراءة نص القرار سيكتشف خلاصة أولية مفادها: «كل معرقل, أيّاً كان للانتقال السلمي للسلطة السياسية في اليمن؛ سيكون مهدداً (شخصاً أو جهة) باحتمال وضعه في لائحة اللجنة الخاصة بذلك, بما في ذلك من سيعرقل – مثلاً - صياغة الدستور القادم أو عملية الاستفاء عليه». بالتأكيد لا أحد يُفرحه أن يصل اليمن إلى البند السابع, ولا أحد سعيد أن يكون تحت الوصاية الدولية, ولا حتى أن ينقسم اليمن بأقاليمه بدلاً من أن يتحد بمحافظاته, لكن تلك هي قصة اليمنيين منذ قدم التاريخ, كانوا بين جنتين من عنب ورومان؛ لكنهم قالوا لربهم: «ربنا باعد بين أسفارنا». وعندما قام أحرار اليمن بثورتين تاريخيتين ضد الإمامة والاستعمار؛ ذهبوا بسفرين شمالي وجنوبي في اتجاه التمزُّق, وبعد أن أتيحت لهم فرصة التوحد في 90م خرجوا لينادوا بالانفصال, وبعد 11 فبراير 2011م أتيحت لهم فرصة حوار وطني للنجاة من توهان ذواتهم المتمزقة إلى شكل يحفظ لهم الذات اليمنية موحّدة؛ ولجوا في نفق الصراع المسلّح في شمال الشمال, ودعم التفجير للبنى التحتية في طول اليمن. كان لدينا فرص كثيرة أضعناها تضمن حل مشاكلنا بأيدينا, بعد اندلاع ثورة فبراير كان لدى صالح ومن معه فرصة التسليم السلمي للسلطة دون الحاجة إلى تدخل المبادرة الخليجية, بعد مؤتمر الحوار كانت أمامنا فرصة قبل الأخيرة بمساعدة السلطة الحالية لتنفيذ مخرجات الحوار, لولا قيام بعض القوى المشاركة في الحوار بتفجير الوضع من خلال التوسع المسلّح على حساب الدولة, واستمرار أشخاص ينتمون إلى "صالح" بدعم محاولة تقويض الأمن العام للمجتمع. بعض الناقمين الآن على القرار الأخير – وهم مجموعة من المثقفين والإعلاميين – كانوا من قبله داعمين لحالة العنف التي استمرت من بدء الحوار وحتى الآن, قدّموا الجماعات المسلحة في الشمال والجنوب على أنها حمامات سلام ورسل مدنية, وشرعنوا عملياً لثقافة العنف, هذا العنف الذي أوصل اليمن إلى مرحلة التدخُّل الأممي لحماية الانتقال السياسي للسلطة. لقد ظل الكثيرون من المثقفيين والإعلاميين يروّجون لخطاب العنف السياسي ويبرّرون وقائعه على الأرض, والآن يتباكون على قيام مجلس الأمن بوضع لجنة لمعاقبة المعرقلين..!!. حالياً لا داعي للتباكي على قصة “البند السابع” يمكننا التعاطي الإيجابي مع قرار مجلس الأمن بتفادي عرقلة تنفيذ عملية الانتقال السياسي السلمي للسلطة بدل الاستمرار في الصراخ على وطن ينتهك سيادته بعض من يعترضون على التدخُّل الخارجي. يمكن للجماعات المسلّحة مثل الحوثي أن تعترف أولاً بسيادة الدولة من خلال تسليم المناطق التي تحت يديها إلى الدولة, يمكن لصالح ومن معه أن يعترفوا - عملياً - بشرعية الرئيس هادي, ويدرك – أي صالح – أن صفحته قد طويت, ليس لكون مجلس الأمن قد قال ذلك فقط, ولكن لأن الشعب اليمني قرّر ذلك, يمكن للقوى السياسية «المشترك والمؤتمر» أن تخرج من الوهن السياسي إلى الفعل السياسي الجاد, المعتمد على التنفيذ العملي لمخرجات الحوار؛ ابتداءً بصياغة الدستور وانتهاء بقيام الانتخابات الرئاسية. علينا الذهاب في اتجاه بناء جيش موحّد, وصياغة دستور جديد, وضمان سجل مدني نظيف, هذه الثلاثية فقط هي التي ستدعم قيام دولة اتحادية قوية, لنرمي العنف جانباً, لنسلّم الأموال التي نُهبت, لنعيد الأراضي التي سُرقت, السلم وحده من سيحمي هذا الوطن, بعده لا داعي لأن نولول عندما يعاقب بعض منا, أو نعاقب جميعاً؛ كوننا دافعنا أو سكتنا على جرائم ذلك البعض. [email protected]