أقول هذا الكلام لأنني أؤمن بأن الله لا يريد لنا إلا أن نكون أقوياء في هذا العالم الذي لا يحترم إلا الأقوياء؛ أما الضعفاء فإنهم للأسف يُداسون حتى وإن كان الحق معهم. القارئ لتأريخ اليمن القديم والحديث يجد أن معظم الأحداث والتحوّلات الكبيرة التي مرّ بها الوطن كانت من صنع أناس أقوياء؛ فهم الذين دفعوا بحركة التغيير إلى الأمام، واستطاعوا أن يتركوا بصمة قوية في تأريخ اليمن، وبالرغم من كل هذه التحوّلات الكبيرة التي مرّ بها الوطن إلا أننا لانزال نبحث عمّن يستطيع رسم ملامح مستقبل اليمن القادم الذي يحلم به كل اليمنيين. فالعالم اليوم يسير بخطى سريعة في عالم التكنولوجيا والاقتصاد والسياسة والثقافة؛ ولذلك فإن الشعوب التي لا تمتلك خريطة واضحة للسير مع هذا العالم فإنها تتعرّض لانتكاسة خطيرة في مستقبلها ومستقبل أبنائها. ولذلك فإننا كيمنيين مطلوب منا أن نرسم خريطة مستقبلنا بأيدينا؛ فنحن أولو قوة وأولو بأس شديد كما وصفنا القرآن الكريم وما لم نقم بهذا الدور فإن مستقبلنا سيتعرّض للفوضى والعشوائية، وسيتحكّم فيه الفوضويون وأصحاب المصالح والجهلاء الذين لا يهمهم مصلحة الوطن ومستقبله. يجب أن نصنع هذا المستقبل قبل أن يصنعه الآخرون وفق أجندتهم ومصالحهم الضيقة خاصة ونحن ندرك حجم المخاطر والمتغيّرات التي تحيط بنا من كل جانب مستغلة ضعفنا وأزماتنا القائمة، ونحن قادرون بإذن الله على الخروج بالوطن إلى بر الأمان بجهود المخلصين ووفاء المبدعين من أبناء هذا الشعب وهم كثر بإذن الله. فتمسُّكنا بوحدتنا هو مصدر قوتنا، ولن نستطيع أن نرسم مستقبلنا إلا ونحن موحّدين، فالعمل الفردي والجهود الفردية لا تصنع مستقبلاً ولا تبني أوطاناً، ومستقبل اليمن يتطلّب الأقوياء لا الضعفاء، أقوياء العلم والمعرفة والإرادة الذين لا يعرفون التردد وأنصاف الحلول. لذلك ما نتمناه ويتمناه كل يمني غيور على وطنه أن يأخذ في الحسبان عند كل تشكيل أو تغيير وزاري أن يكون وفقاً لمعايير ومواصفات خاصة تتطلبها المرحلة من عمر هذا الوطن. فاليمن اليوم على مفترق طرق؛ إما أن نبني وطناً قوياً آمناً مستقراً يحتكم فيه الجميع إلى سيادة القانون؛ وإما أن نسير في طرق أخرى قد تؤدّي بنا إلى الفشل والفوضى، وهذا ما يتمناه المتربصون وأصحاب المصالح الضيقة.