من طيش إلى طيش, ومن ضعف إلى ضعف, ومن وهن إلى وهن, إنه ضيق الأفق الذي أودى ببصيرة الفرقاء, فأتعس معه جميع الناس وأصابهم بالأسى والحزن وجعلهم يعانون من الاكتئاب الذي لازم ترقبهم بحذر نحو انفراج الأزمة التي ما برحت جاثمة بثقلها العنيد على كاهل الوطن دون تزحزح ولم يعاودهم الأمل نحو الانفراج ولو بالقدر البسيط منه فخارت قواهم المتهالكة ولم يعد باستطاعتهم القدرة على التكيف مع واقع الحال المؤلم الذي نسج خيوطه أصحاب المصالح الضيقة, فأجبر الجميع على العيش وفق الظروف التي يصنعها ضعفاء النفوس, وهنا يضع السؤال نفسه, متى نتجرد ونصارح أنفسنا ونصارح الناس? ونعترف أننا جميعاً قد عجزنا عن سبر اغوار مشاكلنا, وعجزنا عن إيجاد مخرج للأزمة التي صنعناها بأيدينا, ألسنا نحن من تعمد إضاعة الوسم النبوي الشريف "الإيمان يمان والحكمة يمانية " , فتشدقنا بوهم "الحكمة" حتى غابت عنا البصيرة, وتمسكنا بلفظ "الإيمان", فغابت عنا أسسه ومعانيه... (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) "سورة الحج". نعم إننا اليوم أمام صدور واجفة وقلوب ضيقة, أعمى العناد بصائرها وأطبق الحنق على هدي العقول فأضحت قاصرة عن إدراك معنى الوفاق ولا يمكن أن تستوعب معنى الاتفاق لأنها غير قادرة على إعمال العقل والحكمة لتصل إلى فكر مستنير فأودى بهم العناد الذي سكن قلوبهم, واستحوذ عليهم الطمع حتى أصبحوا لا يكترثون بنتائج ما يفعلون ولا يهمهم صوابه من خطأه بقدر ما يهمهم أن يدافعوا عن موقفهم بشتى الطرق, ويتمسكوا بتعنتهم وتزمتهم نحو المواقف البالية دون أن يدركوا أن في كل ساعة هناك موقف يتغير, وفكر يتبدل, وهناك آية لله يراد لها أن تظهر وإرادة في نفوس عامة الناس تتجلى يوماً بعد يوم بطلب التغيير نحو الأفضل مدركة أن الفرقاء السياسيين بمختلف اتجاهاتهم وأشربتهم, ما هم إلاّ بشرٌ مثلهم غير أنهم يتاجرون بآمالهم وأحلامهم وتطلعاتهم, وأن كل ذي بصيرة يدرك أن الهدف هو الكرسي ولا شيء غيره. فهل آن الأوان لجميع الفرقاء السياسيين أن يتجردوا من الآنا الضيقة ومن شخصنة القضايا, وأن ينفتحوا على الحلول التوافقية بحيث يصبح التنازل للوطن والمواطن, وفق الثوابت الوطنية الأساسية المتمثلة في الوحدة الوطنية والنظام الجمهوري والديمقراطية والعدالة والمساواة والتداول السلمي للسلطة, وأن نؤمن بأن اليمن وطنٌ للجميع, وأن نهج الوسطية والاعتدال والقبول بالأخر وهو النهج المحقق لذلك, وأن ننبذ التعصب الاعمى للمذهب أو للحزب أو للقبيلة, وأن نجمع ذاتنا نحو التعصب للوطن اليمني الكبير, وأن ندرك أن لكل زمان دولة ورجالا وأن رجال هذه المرحلة هم الشباب ذوو الفكر المنفتح نحو الآخر, المعزز للوحدة الوطنية, المشارك بفعالية في بناء المجتمع, برؤية تهدف إلى توحيد الصفوف ونبذ الفرقة والشتات والبعد كل البعد عن اتباع سياسة الهدم والتدمير, والعمل على إحداث التغيير الايجابي الفعال, والوقوف في صف التغيير والاصلاح ومحاربة الفساد والمفسدين, وترسيخ ثقافة الحوار, والإيمان أن الخلاف بين البشر من سنن الله فى الأرض, قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) "سورة هود". إننا أمام شرخ يتعمق في نفوس اليمنيين جراء ما نسجه أصحاب المصالح الضيقة, واختلافهم في المواقف سيؤدي إلى القطيعة بين الأخ وأخيه, وإلى كراهية وشحناء بين أبناء الوطن الواحد, كما أن حجم الأزمة الحالية لن تترك فرصة لإلقاء اللوم على أي طرف من أطراف العمل السياسي, بل إن الوضع الحالي يجعل الجميع أمام مفترق طرق...إما أن نكون أو لا نكون, إذ أن الكارثة إذا حلت بيننا فلا طرف مصيبا ولا طرف مخطئا... فالله.. الله.. يا أهل اليمن بالوطن,,,, فالوطن أمأنة في أعناقنا, والكل أمام الله والأجيال سوف يُسأل. والله من وراء القصد,,, وزير السياحة اليمني المستقيل من منصبه وحزبه المؤتمر الشعبي الحاكم نقلا عن صحيفة العرب اليوم الأردنية