يعتقد الكثيرون في المحيط العربي أن المرأة اليمنية مازالت تعيش خارج الحراك التاريخي اليومي للمجتمع، لكن المهتمين بشؤون المرأة يؤكدون أن المرأة اليمنية وبرغم الظروف والإمكانيات المتواضعة قد قطعت شوطاً كبيراً في طريق المشاركة الاجتماعية والسياسية والحضور الفاعل والمتميّز في كل المجالات. لا مكان للمقارنة بين ما حقّقته المرأة اليمنية وشقيقاتها بالخليج العربي في ظل اختلال ميزان الظروف والإمكانيات والوسائل المتوافرة لدى كل منهن؛ لأن المرأة في بعض دول الخليج مازلت تعيش في الهامش الاجتماعي. إن المرأة اليمنية لم تعد ذلك الإنسان المسلوب الإرادة والحرية الذاتية، بل أصبحت النساء في اليمن شقائق الرجال، يشاركن في كل مجالات الحياة دون استثناء، ولعل المتتبّع للأحداث التي كانت خلف التحوّل والتغيير في اليمن سيجد أن المرأة اليمنية قد شكّلت فيها الشريك الندّي للرجل في كل مراحل تلك الأحداث وما تلتها. إن تحقيق ذلك النجاح من قبل المرأة اليمنية في شراكتها الاجتماعية والسياسية جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل يُعد رصيداً عظيماً لا يُستهان به أو يقلّل من شأنه، خاصة وقد انتزعت المرأة اليمنية ذلك الرصيد المرموق في ظل مجتمع محافظ وموروث اجتماعي مثقل بأعراف وصور حالكة اللون. البعد الديني والحضاري للمرأة اليمنية مثّل الطاقة الكبيرة في نضالها المستمر اجتماعياً وسياسياً، مثلما شكّل الدافعية الذاتية والمتوازنة لديها للوصول إلى المشاركة الكاملة في إصلاح الحاضر والعمل معاً من أجل المستقبل. الحضور الفاعل والمتميّز للمرأة اليمنية في مؤتمر الحوار، والإصرار على المشاركة في صنع القرار المصيري؛ جعلها نقطة التوازن في المعادلة الاجتماعية والسياسية بجدارة واقتدار، الأمر الذي يحتاج من المرأة اليمنية أن تواصل نضالها بتوازن، وعدم فرز المواقف مع أي من الأطراف التي تحاول استخدامها فقط لتمرير ما يتعلّق بمصالحها في الساحة اليمنية. أتمنّى أن تعمل المرأة اليمنية على تأصيل رؤية مستقلّة وناضجة غير قابلة للمساومة فيما يخصُّ اليمن الجديد وحمل لواء التغيير بوسطية واعتدال في اتجاه إصلاح الوعي المجتمعي الذي يمثّل الدافع الأكبر في اتجاه الأمن والاستقرار والتطوّر والنهوض. الثورة اليمنية ما كانت لتنجح لولا شراكة المرأة الفاعلة والمتميّزة في كل مراحلها وأحداثها وآلامها ومخاضاتها المتكرّرة، مازال نضال المرأة اليمنية مستمراً لبناء اليمن الموحّد الجديد. [email protected]