«64» وملف التسوية السياسية التاريخية مرتبط من الناحية الإنسانية والأمنية بملف الهيمنة القبائلية المذهبية، وإنجاز التسوية السياسة التاريخية مرتبط بطي حقبة الابتلاع والضم والإلحاق والإخضاع، وتجاوز نظريتي «نحكمكم أو نقتلكم» و«أنتم توابع وكيس شركاء» وهذا يعني السير في المسار الصحيح لحل “ملف الهيمنة القبائلية المذهبية التاريخية التي استندت على دوافع عدائية لقبائل الشمال الجبلي ضد المنطقة الزراعية المستقرّة في الجنوب. والمنطقة القبلية الجبلية مازالت معزولة عن التطوّرات العلمية والتكنولوجية ومعزولة عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومازالت تعيش نمط الحياة الاجتماعية القرووسطية وتمتهن القتل وسيلةً للرزق، فهي الآن من يشكّل قوات المليشيات المسلّحة؛ وهو ما لا يمكنها من التحوّل إلى مجتمع السوق والمدينة. والقادة العسقبليون الذين توارثوا السلطة بعد اختفاء بيت حميد الدين من المشهد السلطوي العام وإلى جانبهم شيوخ الإقطاع التقليدي بصفتهم المشيخية المكوّنة لمجموعة العشائر والقبائل واضبوا على الدرب القديم، وهو فرض العزلة على السكان القبليين لكي يستأثروا على السلطة أولاً، والاستحواذ على الإيرادات القديمة والإيرادات المضافة المتركزة بعائدات النفط والمعادن والمال السياسي المتدفّق من دول الإقليم ذات الريع النفطي الغزير، ثانياً وإبقاء سكان المنطقة كبنادق مستأجرة سواء كمنتسبين إلى قوات الجيش الذي جرى تحويله إلى حاضنة للقبائلية والمذهبية أو كمليشيات مسلّحة “قوة عسكرية كامنة أو تائهة” يتم الاستعانة بها لقمع وإخضاع الفاعلين والناشطين من سكان المناطق المحتلة. وهذه المنطقة، كما هو موجود في الواقع الملموس لم يتغيّر فيها أي شيء جوهري؛ وما نراه فقط حراك شكلي بطيء إذ بعد سقوط السلطة التي سيطرت على الجيش في 1977م + 1978م بعد اغتيال إبراهيم الحمدي وأحمد حسين الغشمي، في 23 نوفمبر 2011م انكشف سر تكوين الجيش منذ الإطاحة بقادته الجدد سنة 1968م وكف عن أن يكون ضمن فلسفة الشراكة السياسية ويتشرذم هذا الجيش ويعود إلى عشائره وقبائله للمشاركة في الصراع على السلطة المركزية ومحاولة إخضاع المناطق بالحيلة والقوة عبر طريق واحد وهو نشر الفوضى بواسطة تلك الوحدات العسكرية التي تنتقل من وضعية الجيش إلى وضعية الجماعات الإرهابية أو ما يُطلق عليه الآن “تنظيم القاعدة” إلى وضعيات عصابات صغيرة تمارس التقطُّع في الطرقات وضرب أبراج الكهرباء وتعطيل شبكة الكهرباء وتفجير أنابيب النفط وسلب محتويات قاطرات النفط والاعتداء على المحلات التجارية وسلب المسافرين وقتل الآمنين من المدنيين. إن ما يدور في الميدان القبلي الآن يدلُّ دلالة واضحة على أن قادة المنطقة القبلية من شيوخ الإقطاع التقليدي والعسقبليين وشريحة التجار القبليين على دراية بأن السلطة شاءوا أم أبوا سوف تتسرّب من أياديهم موقتاً بدعم دولي مباشر أو غير مباشر، ولذلك “فجّروا” الصراع في صعدة ابتداءً من 2004م بهدف تكوين قوة منظمة اجتماعياً ذات انتماء “سلالي” اشتهر أسلافها بالادعاء والعنصرية؛ ثم تضخّمت هذه القوة متحوّلة إلى مشكلة وورقة سياسية تطالب بنصيبها من كعكة السلطة الهشّة ومن ثم محاولة الوثوب على الكعكة كلها وفقاً للاتفاق مع عسقبلي “سنحان” الذين يعملون وفقاً لاستراتيجية عسكرية رسمها لهم خبراء من الموساد ووكالة المخابرات المركزية الأميركية والتي قضت بالانحناء لعاصفة الحراك السياسي للاسلام السياسي الذي بلغ فشرته نهاية سنة 2010م.. ... يتبع..