«1» لم أكن في البئر ساعة يوسف/كنتُ أُمهّدُ للعابرين طريق البئر /وكان قلقي على البئر أن تقع في عشق يوسف/أكثر من قلقي على الصبيّ المسكون بخمر الرضا من كل الكائنات ../الآن يجب أن أنام في نهد الطمأنينة/وأرشفُ حَلَمَات المدينة التي قدّت ثوب أخي/كي تعرّيني من فاجعة الحياة. «2» لم أكن حينها في الماء/كنتُ أرتّبُ مخدع يوسف في السجن/كان البخور طريق الصدفة للرؤيا/والسقف الأزليّ يبتسم للفتى الممهور بحبّ النسوة/والليل محراب الظنون لقصةٍ آتية لم تُفصح عنها سكاكين البغي النبيل/لكنها فُسحة المقيل المأخوذ بحُمّى الإشتهاء. «3» لم أكن حينها في الماء/كنتُ ألملمُ بقايا المِزَق البالية في خيمة البادية.. لألتحق بالقافلة المنسيّة في جوف الصواع/كان القصر يكتظّ برائحة الشهوة.. والجوع ينهش ماتبقّى بي من رغبةٍ يساريّة تذبحها كروش رجالات القصر.. والموعد لم يحن بعد/الآن سأتعرّف على فتاة من جنوب الحظ.. ستدخلني فوراً في حديث الفاكهة/ولن أعلق في شوكة اللقاء المستحيل. «4» لم أكن في البئر/كنتُ أتأمّل حيرة الإخوة الأعداء/وأفكّر بنزع آخر أزرار ثوبي/لأمشّط أرصفة المنفى الجديد دون رائحةٍ تشي بهم/كنتُ أقرأُ في الأزقّة حدسي الطفوليّ/كم اشتهيتُ الحلوى «الإبراهيمية» المُخبّأة بصدر حبيبتي/غير أنّي لا أملكُ شيئاً.. سوى مالا تُدركه حتى اللحظة/الآن يُمكنني أن أبثّ الرعب في المدينة/لألتهم حظّي جيداً/وأبدأُ خطّتي القادمة.. بعيداً عن شجو الذكريات. «5» لم أكن في البئر/كنتُ أُحدّقُ في نمنماتِ الخزينة/وأفتحُ باباً إلى الحلمِ في ضجّة العائلة/وأحرصُ ألّا اطاردَ وهم السكاكين /كي يستريح الغريب إذا فرّ من خيبةٍ واعده/كان ثوب أبي في الفراغِ ملاذٌ/وكان أخي في قميصي هزيلٌ/يُفتّشُ عن وطنٍ ضلّ حتفَه/ولكنّهُ ظلّ شوكاً يُخبّئُ في خافقيهِ يناعة وردة/ وكنتُ الرحيق/يالهذا الطريق..البريق.. العميق.. الغريق.. ويا موعد البارحة.. لا تخف/سوف يأتي الزمانَ زمانٌ من الرقصِ فوق أوارِ الدخان/سو..فاصطبر/ و .. اغتنم هدأة الغُنجِ في ركضة المُشتهى/هَدهِد المستحيل بزحف الأنامل للضوء في كوّةٍ لا تنام. «6» لم أكن حينها في البئر/كنتُ أضاجعُ رمل الغروب/وأسكنُ في شرفة الشمسِ.. أصرخُ أيتها العير : إنّ الأماني وشاية/كان حظّ الأباريق في كفّ يأسي كمنجة وعد/وحظّ العصافير في تعويذة الوصل بُحّة نأي/وكنتُ الفضاء الذي ألجَمَتُهُ المتاهة في قُبلةٍ عاصفة/وأصرخُ :أيتها العِير .. هاتوا يدي وفمي.. وارحلوا في الفناء.. البقاء. مرّ عامٌ كتسعة أعيادَ لا يبرق الغيم فيها/ولا يستجيب المدى للقصيدة كي أستكين/ولا أنطفئ. «7» لم أكن يومها في البئرِ/كنتُ أُؤرّخُ مملكةً لا تزال تزاول أشياءها في الفراغ/ويعلمُ صحو الهواجس فيها أنّها للزوال/ كان وجه المدينة يرفل في القُبّعاتِ.. وفيض العمائم/والمئزر المُصطفى من عيونِ النهارِ/يراودُ ليل اختناقي بليلي/ ويصفعُ فجر اصطباري بصحراء حسناء كالفاجعة../كنتُ اشتهاءَ الحواديت../كم أشعلَتني الأزقّة تينعُ في خافقي طعنة كالبخور/والنوافذ حيرى/واللعين يصلّي لموجة بحرٍ يجفّ/إذا ما تبخترَ في وجنتيه بريق المصير.