لم يسبق في التاريخ الحديث تحت أيّ ظرف إلغاء دور الدولة، فالبديل لغياب الدولة الفوضى بمعنى ضرورة تواجد الدولة تحت أي نظام قائم بما فيها العولمة التي تحد من دور الدولة كما قال مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا في خطاب له أمام مؤتمر القمة الإسلامي إن الدولة في ظل العولمة أصبحت شبيهة بجمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية التي فيها لرئيس المزرعة سلطه أكبر من سلطة رئيس الدولة، فالدولة لا تستطيع أن تحقق الازدهار في عالم اليوم مالم تلتحم بالقطيع الإلكتروني حيث أصبحت الشركات العملاقة والبنوك المالية هي القوة الحقيقية في الساحة لاسيما عند دخول رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار داخل الدولة وما لهذه الأخيرة من بالغ الأثر في رسم سياسات الدولة ومستقبل البلد.. إلا أنه في نفس الوقت من واجبات الدولة القيام بواجباتها الأساسية كتأمين أساس الحياة المتمثل بالمياه الذى أصبح يشكّل في بعض الدول أمناً قومياً تنشأ من أجله الصرعات وتتغير السياسات بسببه بين الدول كما هو حاصل بين مصر وأثيوبيا.. إذ لابد من أن تقيم الدولة مراكز بحثية لاستشراف المستقبل والاستعداد الأمثل لمواكبة التطور وفق برنامج يحمل في طياته هموم الناس ومستقبل البلاد في ظل التزايد السكاني الأكثر نمواً في بلادنا مقارنةً بدول الجوار والذى أصبح يربك خطط التنمية وتحولت في بلادنا الكثافة السكانية من ميزة إلى عبء على اقتصاد البلاد في ظل غياب التخطيط للاستفادة من الموارد البشرية المتاحة التي يبدو أنها ستظل على الدوام مصدر قلق، حيث أشارت بعض المصادر الإحصائية أنه بحلول العام 2020م سيصبح عدد سكان اليمن 35مليون إنسان في ظل أوضاع اقتصادية متدنية وموارد مائية محدودة في أنحاء كثيرة من البلاد والتي أصبحت تمثّل هاجساً لدى الكثير من المختصين الذين من خلال الحديث معهم يرسمون مستقبلاً غير مشرق لحياة المدن بسبب محدودية المياه وزيادة الكثافة السكانية.. بالمناسبة أذكر هنا ما قاله زميلي المتخصص في هذا المجال المهندس محمود عبد الولي بأنه توجد مفارقة معيبة أن تشكو مدينة تعز من كوارث السيول وفى نفس الوقت من أزمة مياه!! وهذا معناه أن أمام الأجيال القادمة مسؤوليات كبيرة مرحّلة لهم من أجيال سابقة عجزت عن إيجاد الحلول المناسبة كون الحاضر لأجل المستقبل هو أمانه يتحمّلها الجميع.