لقد اصبحت العولمة كالرياح طالت كل شيء دون سابق انذار وكون بلادنا تحاول الانضمام الى منظمة التجارة العالمية تدرك ان عليها الالتزام باتفاقيات وقواعد المنظمة العالمية والبدء بتحرير الاقتصاد والسعي نحو بذل المزيد من الجهود المتوازنة لضمان مستقبلها وايجاد اجهزة وانظمة تساعدها على مواجهة الوضع الجديد بالاضافة الى انها تقوم باتخاذ مزيد من التدابير لتحرير القوانين التجارية والاستثمارية الجاذبة للاستثمارات الاجنبية والتي تتماشى مع منظمة التجارة العالمية كما انها تعلم علم اليقين انه يتحتم عليها دعم المجلس الاقتصادي الاعلى بما يساعده على ضبط وتنسيق عمل الاجهزة الاقتصادية المختلفة تحت مظله موحدة وآلية تساهم في ضمان استمرار اداء قطاعاتنا الاقتصادية بفاعلية في ظل نظام الانفتاح والعولمة والتحرر. ومهام المجلس الاقتصادي الاعلى تدارس موضوع النمو الاقتصادي وايجاد حزم من الاجراءات والحوافز والسياسات الماكرو اقتصادية القادرة على الرفع المستمر للانتاجية لايجاد حالة نمو اقتصادي مستدام للاقتصاد ونمواً مستمراً للاقتصاد الوطني، وقياس وتحديد معدل النمو الاقتصادي المناسب للاقتصاد الوطني في كل فترة زمنية مع توفير الشروط المناسبة لتحقيق ذلك الهدف بما يحقق رفاهية المجتمع، ولضخامة التحديات المستقبلية امام بلادنا فانه يقتضي من خلال المجلس الأعلى صياغة رؤية شاملة بعيدة المدى واستراتيجية محكمة تعجل وتفعل آليات عمل هذا المجلس باقصى قدر من الحيوية مع سرعة اتخاذ القرارات لمواكبة التوجه العالمي الجديد المحرر للتجارة والتكتلات الاقتصادية واندماج الشركات الكبرى. كما انه يتوجب على من يعمل في هذا المجلس التعرف على سمات الوضع الراهن، وتحديد التحديات المستقبلية وتشخيص معوقات النموالاقتصادي، وفي اعتقادي ان اهم وابرز التحديات هو النمو السكاني ومعدلاته المنفلتة مع ضرورة متابعتها وتحديد التوقعات المستقبلية للسكان الى جانب عجز ميزانية الدولة التي تفتقر الى تنويع مواردها، وبناءً على ذلك فان الحاجة ماسة الى ايجاد مزيد من الرؤى الواضحة لعملية التنمية الشاملة وتحديد الاهداف والاولويات والسياسات وخلق اجواء اكثر انفتاحاً مع رسم استراتيجيات موفرة للمعلومات ومحددة لمخاطر والايجابيات مواصلة لمسيرة التنمية مع ايجاد الحلول للمشاكل التي تعترضها، وخصوصاً القضايا الاجتماعية كالصحة والتعليم والعمل والتدريب، فهي بحاجةٍ الى استثمارات كبيرة ولمدد طويلة، ومن هنا يتضح لنا ان وجود المجلس الاقتصادي الاعلى في بلادنا يعتبر نقطة تنسيق وتكامل بين كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية من أجل الوصول الى التوازن بين الحاجات الحالية والمستقبلية، والموارد المتوافرة ومصدر لصياغة السياسات النقدية والمالية والصناعية والخدماتية، ومكاناً للقواعد والاجراءات الضرورية التي تسهم وبصورة ايجابية في رفع المقدرة التنافسية وتطوير القطاعات الخدماتية الحديثة والداعمة للانظمة المشجعة على الاستثمار وجذب رؤوس الأموال.