ما زالت المعارك الإعلامية هي من تتسيد المشهد السياسي، وترفض التخلي عن المكايدات والمناكفات السياسية المضرة ونبذ الاختلافات والجنوح للسلم.. ونحن عندما نتحدث عن هذه المعارك المتواصلة ندرك جيداً خطورتها على طبيعة المرحلة التي تستدعي وجود خطاب إعلامي يحمل على عاتقه مسؤولية تهيئة الأجواء المناسبة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والإسهام الفاعل في التخفيف من حدة الاحتقان القائم بين مختلف المكونات السياسية وبما يؤدي إلى إنجاز ما تتطلبه المرحلة التي تعد البوابة الرئيسية للانتقال إلى بناء الدولة المدنية وتحقيق التغيير المطلوب.. حتى اللحظة لا يزال الخطاب الإعلامي يعكس حالة من اللاوفاق، وأن ما تم الإجماع والتوافق عليه داخل مؤتمر الحوار الوطني وأكدت عليه وثيقة المخرجات لم ينعكس على الخطاب الإعلامي الرسمي والحزبي على حد سواء.. فما نراه ونقرأه ونسمعه يكشف عن حجم الخلاف القائم بين الفرقاء السياسيين وعن الهوة التي تعترض تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.. إن الخطاب الإعلامي يلعب دوراً رئيسياً في تهيئة الأجواء والتخفيف من حدة الخلافات وتقديم رسائل إيجابية تعكس حقيقة التوجهات المستقبلية التي يفترض على الجميع الأخذ بها والعمل من أجل الوصول إلى الغايات المرجوة.. ولا شك فإن بقاء الخطاب الإعلامي على ما هو عليه اليوم سيكون له تأثيرات سلبية على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني..، وهي المخرجات التي ينبغي على الجميع الإسهام الفاعل في ترجمتها على الواقع الوطني كل من موقعه وبحسب الدور المناط به..، لا سيما وأنها أكدت على ضرورة أن يكون الخطاب الإعلامي متزناً وعقلانياً ويبتعد عن كل ما من شأنه تأجيج الخلافات وإثارة الأحقاد والكراهية، وكل ما يقود إلى عرقلة الجهود المعتملة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني واستكمال المرحلة الانتقالية وهو ما أكد عليه قرار مجلس الأمن الأخير.. ويقيناً فإننا حين نطالب بخطاب إعلامي متزن ومتناغم مع مخرجات الحوار الوطني ندرك خطورة الرسالة الإعلامية وأثرها الكارثي على اليمن واليمنيين.. فالإعلام سلاحه أقوى وأشد من أي سلاح آخر وإذا ما تم توظيفه بطريقة خاطئة فسينعكس ذلك سلباً ويقود إلى خلق المزيد من الصراعات.. نحن لا نريد أبداً الذهاب نحو تبرير الخطاب الإعلامي المتعامل به اليوم، ومن الخطأ الاعتقاد بأن الإساءة للآخرين أو اعتماد خطاب مؤجج للأحقاد والكراهية ومثير للفتن والقلاقل يندرج في إطار حرية التعبير عن الرأي..، كون مثل هذا الخطاب يضر أولاً بمسار التسوية السياسية والتوافق القائم وثانياً يؤثر تأثيراً بالغاً على تنفيذ استحقاقات المرحلة، التي تتطلب اصطفافاً وطنياً ونبذ كل الخلافات أياً كانت طبيعتها.. كما أنه من السخف الذهاب صوب حصر الخطاب الإعلامي بالتعريف بمخرجات الحوار دون العمل بمضامينها، والاستمرار في تبني آراء ووجهات نظر تتعارض شكلاً ومضموناً مع ما أكدت عليه مخرجات الحوار وقرار مجلس الأمن الدولي!.. نحن اليوم بأمس الحاجة إلى خطاب إعلامي متزن يعمل على تقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء.. وبما يسهم في تهيئة الأجواء والتوجه الصادق والمسؤول نحو بناء وطن تتعزز فيه قيم الشراكة والمشاركة.. وطن يتسع لجميع أبنائه بكل فئاتهم وتوجهاتهم.. وطن تتحقق فيه العدالة والمساواة بأسمى صورها.. وما ينبغي التأكيد عليه أخيراً أن يكون الإعلام الرسمي هو السباق في هذا المضمار باعتباره لسان حال الحكومة اليمنية وملكاً لكل أبناء الشعب وليس لفئة أو حزب بذاته.. [email protected]