انتهى مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وأسدل الستار عن مرحلة أخرى من مراحل بناء اليمن الجديد وفقاً لما هو محدّد في المبادرة الخليجية وآليّتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن الدولي. انتهى الحوار وخرج المتحاورون بمصفوفة من الإجراءات التي ستؤسّس أو تضع اللبنات الأساسية للدولة اليمنية الجديدة، دولة العدالة والمساواة والنظام والقانون والحكم الرشيد وفق شراكة وطنية حقيقية لا صوت يعلو فيها على صوت الوطن. انتهى الحوار وبدأنا نسير في إطار المرحلة التي تعدُّ الأهم في نظر اليمنيين، كونها تمثّل البوابة الحقيقية لترجمة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني المتفّق حولها من قبل كافة المكوّنات السياسية والمدنية والاجتماعية المشاركة في أعمال مؤتمر الحوار الوطني الشامل، كما تُعد البداية الفعلية لتهيئة الأجواء المناسبة للانتقال إلى المرحلة النهائية من مراحل البناء والتأسيس للمستقبل والمتمثّلة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. إنجاز وطني تمّت صناعته بإرادة يمنية خالصة كما قال رئيس الجمهورية المناضل عبدربه منصور هادي وقاد إلى التوافق على مجموعة من المبادئ والأسس الكفيلة بإخراج اليمنيين من حالة التنافر والتصادم إلى حالة الشراكة والمشاركة في بناء اليمن الجديد، يمن المستقبل؛ إلا أن هذا الإنجاز يبقى منقوصاً وغير مكتمل إن لم تتم تهيئة الأجواء والمناخ الملائم لتنفيذه على أرض الواقع. ولعل من أهم العوامل الكفيلة بتنفيذ ما تمّ الخروج به من مؤتمر الحوار الوطني هو إنهاء حالة الاحتقان التي مازالت قائمة، والتخلّي عن الخطاب العدائي والتحريضي الذي يزيد من مشاعر الأحقاد والكراهية، ويقود إلى خلق حالة من عدم الثقة، كما ستكون له انعكاسات سلبية في التعامل مع مخرجات الحوار. إننا أمام مرحلة وطنية مهمّة تستدعي اتخاذ قرارات قوية تعكس روح المسؤولية الوطنية وتلبّي طموحات الشعب اليمني، كون ما تم إنجازه لا يُحسب لطرف دون طرف آخر، فالجميع شركاء في تحقيقه، والجميع أيضاً شركاء في الاتجاه نحو تنفيذ ما تمّ التوصل إليه بعيداً عن الحسابات الضيّقة والمصالح الآنية. كما أن تنفيذ هذا الإنجاز يتطلّب اتخاذ إجراءات عملية تراعي طبيعة المرحلة وتقود إلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني بكل شفافية ووضوح، ولعل من أهم تلك الإجراءات إيجاد حكومة كفاءات قادرة على تنفيذ تلك المخرجات بكل ثقة واقتدار وبعيداً عن التدخُّلات الحزبية وغيرها. لقد أكدت وثيقة ضمانات مخرجات الحوار الوطني أن تلعب الحكومة دوراً بارزاً في تنفيذ مخرجات الحوار من خلال المهام الموكلة إليها؛ ولذلك فإن من الأهمية بمكان التعامل بمسؤولية لتنفيذ تلك المهام، كون أي تباطؤ سيتسبّب في إعاقة مهام المؤسسات الأخرى المشاركة في تنفيذ المخرجات. ونحن عندما نؤكد على حكومة كفاءات؛ ننطلق من التقييم الواقعي للحكومة الحالية التي تباطأت في تنفيذ الكثير من المهام التي كان يُفترض القيام بها وفي مقدمتها إنهاء الانفلات الأمني، وإخلاء المدن من المليشيات المسلّحة، وإنهاء كل أشكال النزاعات المسلّحة... إلخ. لا نقول ذلك من باب المناكفات وإنما من حرص ومسؤولية أن تجد مخرجات الحوار الوطني طريقها إلى التنفيذ، كون المرحلة القادمة هي الأهم، ولا تحتمّل أي إخفاقات أياً كان نوعها أو شكلها. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك