ستة أشهر مرت منذ انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل وهي المدة التي حددت لانعقاده وإنجاز مهامه الوطنية، والمتمثلة بالخروج برؤية موحدة من قبل كل المكونات المشاركة فيه حول شكل الدولة ونظام الحكم والدستور الجديد ومجمل القضايا محل النقاش الضامنة بناء دولة مدنية حديثة على أسس ومبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة والحكم الرشيد واحترام النظام والقانون.. ستة أشهر مرت تم خلالها التوافق حول مجمل القضايا الوطنية وإن كانت هناك ما زالت بعض القضايا العالقة لم يتم التوصل إلى اتفاق حولها وفي مقدمتها شكل الدولة ونظام الحكم، ولاتزال تخضع لنقاش مستفيض من قبل مختلف المكونات، مع ظهور بعض الآراء المتعصبة لا سيما فيما يتعلق بالقضية الجنوبية.. ومع كل ما يشهده مؤتمر الحوار الوطني الشامل من حراك وزخم غير عاديين برزت على السطح بعض الأطروحات التي تهدف إلى الانحراف بمسار الحوار بعيداً عما هو محدد في لوائح المؤتمر وبعيداً عن القضايا المطروحة للنقاش وبعيداً أيضاً عن روح المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتسوية السياسية القائمة.. هذه الأطروحات تتحدث عن الحصانة والعزل السياسي، وعن قضايا أخرى تندرج في إطار المكايدات السياسية والإضرار بالتسوية السياسية، إضافة وهو الأهم إفساد مستقبل اليمن.. مثل هذه الأطروحات هدفها وبدرجة رئيسية الانحراف بمسار مؤتمر الحوار وإعاقة مخرجاته لا سيما فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والحكم الرشيد كون المطالبة بقانون للعزل السياسي يتعارض كلياً مع المصالحة الوطنية والحكم الرشيد الذي يعد من أسسه ومبادئه الرئيسية تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.. يتحدثون عن العزل السياسي من منطلق الاستهداف العلني الواضح للمؤتمر الشعبي العام وقياداته وهو الشريك الرئيسي في التسوية السياسية ودون إدراك بأن أي مساعٍ من هذا النوع تعد بالأساس استهدافاً للتسوية وإفشالاً لمؤتمر الحوار الوطني وإعاقة لمخرجاته.. من يقف وراء هذه الأطروحات هم أولئك الذين ما زالوا يجترون خلفهم ثقافة الكراهية المقرفة ويتخذونها أساساً في تعاملهم مع الآخر المختلف.. هؤلاء تناسوا أن الهدف من التسوية السياسية والحوار الوطني الشامل هو إنهاء كل صراعات الأمس ورمي الماضي وبدء صفحة جديدة بعنوان كبير وعريض وهو المصالحة الوطنية.. وهم في الوقت نفسه أيضاً يكشفون عن رفضهم المطلق لمخرجات الحوار..، كونها تمثل بالنسبة إليهم ضربة حقيقية لمشروعهم الاستحواذي الذي كانوا ومنذ البداية يعملون من أجل تحقيقه وإنجازه.. كل هذه الأطروحات والتساؤلات هي في حقيقة الأمر خلط للأوراق وابتزاز سياسي لتحقيق مكاسب حزبية بحتة تنطلق من استهداف واضح للمؤتمر الشعبي العام والدفع به نحو اتخاذ مواقف قد تصل كما يخطط أصحاب تلك الأطروحات إلى الإضرار بالتسوية السياسية والعودة باليمن إلى مربع الأزمة من جديد.. فمن غير المنطق أن يتم الحديث عن مثل هذه الأطروحات، كون الجميع شركاء ولا يمكن لطرف عزل طرف آخر، كون العزل في الأساس هو إلغاء لجميع الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها وفي مقدمتها المبادرة الخليجية.. هناك مساعٍ حقيقية لدى البعض لرفض مخرجات الحوار الوطني، وهذا البعض يعتقد أو يتصور أن المؤتمر الشعبي العام هو البوابة التي سيدخل منها للتعبير عن رفضه لمخرجات الحوار من خلال اتهام المؤتمر بعديد قضايا ، وهو ما بدأنا نسمعه ونقرأه لبعض قيادات المشترك إلا أن هذا البعض يتغافل عن الحقائق التي لا يمكن تجاوزها ولا يمكن القفز عليها وأساسها أن المؤتمر الشعبي العام هو الطرف الرئيسي في التسوية السياسية وسيبقى كذلك حتى يتم إجراء الانتخابات القادمة وهي وحدها التي تحدد بقاء المؤتمر في الحكومة أو خروجه منها.. وأي حديث بعيد عن هذا السياق ما هو إلا محاولة واضحة ومكشوفة لإرباك العملية السياسية وكسب مزيد من الوقت لإفشال مؤتمر الحوار الوطني.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك