أصدر زيد مطيع دماج رواية «الرهينة» عام 1984م لتصبح لاحقاً من أهم الروايات العربية والتي تُرجمت إلى لغات حيّة منها اللغة الفرنسية التي تم الاحتفاء بها تزامناً مع الاحتفاء بذكرى رحيل أديب اليمن الكبير المناضل والإنسان زيد مطيع دماج الذي ترك ثروة مهولة لا تتمثّل في «الرهينة» كرواية عالمية، ولا في كتاب «الانبهار والدهشة» كسيرة أدبية قدّمت بطريقة روائية شيّقة فحسب؛ وإنما ثروة جبارة تتمثّل في أبنائه وبناته كمبرّزين في مجال عملهم، وأيضاً برّهم العظيم بوالدهم الراحل منذ أربعة عشر عاماً. في الاحتفالية النوعية والمتميّزة التي نظّمها مركز الدراسات والبحوث ومؤسسة غيمان وكذلك موقع «إنسان نت» والمركز الثقافي الفرنسي الاثنين الماضي 7 إبريل؛ برز نجم دماج الذي لم يخفت ولم يبهت؛ حيث كلما مرّت بنا السنوات تذكّرنا «الرهينة». «الرهينة» اليوم يا زيد مطيع دماج مسجونة، والسجن كبير، وليس لديه سجان واحد وإنما فريق من السجانين، «الرهينة» اليوم يا زيد مطيع دماج يحاصرها الفرقاء، يصوّبون أسلحتهم صوب صدرها، يريقون الدماء ويهدمون المحبة. لم يعد هناك دويدار وإنما دوادرة كثيرون يعملون لحساب العصابات التي دفنت المحبة في المقابر العتيقة وشمّروا سواعدهم يعملون بجد واجتهاد لقلع بوادر الأمل وذبح حمائم السلام وحرق أغصان الزيتون. لم تعد هناك خيول جميلة وإنما مجنزرات وآلات للقتل بأنواع كثيرة؛ يقتلون المريض والطبيب، ويغتالون الأمن ورجاله. اليوم يا زيد مطيع دماج «الرهينة» تواجه حقد الأبناء وطمع الأشقاء وخذلان الجيران، انتهى عهد الإمامة ليأتي عهد جديد من الظلم والقهر. عذراً سيدي، ف«الرهينة» لم تتحرّر بعد، لاتزال في سجنها الكبير ترنو ليوم جديد لم يأتِ بعد، يوم كلما أشرقت شمسه أغرقته الخفافيش بالظلام، كلما بزغ فجر حريته زادوا فوق قيده ألف قيد، كلما ابتسم بخجل جعلوه يذرف شلالاً من الدموع. لم تتحرّر «الرهينة» سيدي زيد مطيع دماج، فالحرية هي الفعل الذي ما استطعنا أن نعيش معانيه، وقد اعتدنا العيش على اسطوانات الكذب، والتأقلم مع أعمال الدجالين الكبار لنعيش عبودية من طراز جديد. كيف يمكن أن نحرّر «الرهينة» ونحن نضع كل يوم قفلاً جديداً على بابها..؟! وضعنا آمالنا وأحلامنا ومستقبلنا رهينة ليوم لم نسمح له بدق أبواب لم تعد قابلة للفتح وصارت عصيّة عن الكسر. كيف لنا أن نحرّر الرهينة وقد صارت الرهينة وطناً يحمل كل منّا معولاً لهدمه كلا حسب موقعه ومنصبه وإمكانياته؛ ومن لا يملك منّا معول الهدم فهو يملك معول الصمت والخوف. «الرهينة» يا سيدي هي نفوسنا الضعيفة التي سيطر عليها الخنوع للغير، وفي أفكارنا التي عشّشت فيها أفكار مستوردة ومغلّفة بغلاف الدين، فالدين صار التجارة الرابحة التي تعطي بسخاء المال والقوة للبعض والقتل والدمار والألم للبعض الآخر لتبقى اليمن رهينة العنف والقتل، رهينة الأطماع والمصالح، ورهينة لتصفية الحسابات الشخصية. هل صدقت يا زيد مطيع دماج بحقيقة عدم تحرُّر «الرهينة» هل عرفت كيف كبرت «الرهينة» لتصبح وطناً بأكمله وليس شخصاً يرنو إلى حريته ويتطلّع إلى قريته من قلعة القاهرة الشاهقة في تعز ويحلم باليوم الذي يلتقي أسرته وعائلته..؟!. «الرهينة» اليوم هي اليمن؛ ترنو إلى اليوم الذي تُنزع فيه الكراهية من قلوب أبنائها ليستوطن بدلاً عنها المحبة والسلام، تحلم باليوم الذي يلقي فيه الناس السلاح ويحملون المفارس ليغرسوا أشجار البن والعنب واللوز، فالبشجر نحيي المحبة التي تلاشت من حياتنا، وبحب الوطن فقط نحرّر «الرهينة».