يذهب كثيرون من خبراء الاستراتيجيات إلى القول إن المواجهة في سوريا بين حلف الأطلسي والاتحاد الروسي دفعت بالحلف الأطلسي إلى الذهاب قريباً من الخاصرة الروسية, وفي جوارها الحيوي بدولة أوكرانيا, وأن التمدُّد بهذا الصراع على المصالح والنفوذ بين القوى الكبرى سيعود من أوكرانيا إلى سوريا. أول التصوّرات التي يتوقّعها خبراء الاستراتيجيا الدولية تشير إلى تصعيد أطلسي محتمل ضد سوريا يصل إلى مشارف الحرب الشاملة, وذلك بهدف خلق أوضاع تشلُّ قدرة روسيا على دعم سوريا وإسنادها عسكرياً في وقت تتحرّك فيه تركيا وإسرائيل للتدخُّل عسكرياً في سوريا ومساعدة المعارضة على إسقاط دمشق أو السيطرة على أجزاء واسعة من شمال سوريا وجنوبه بعد اتهام الأطلسي لموسكو بخرق القانون الدولي وانتهاك سيادة أوكرانيا, وتوظيف هذا لصالح العدوان على سوريا خارج إجماع مجلس الأمن الدولي. هذا التوقع تعزّزه شواهد مختلفة, تبدأ من التصلُّب الأمريكي في «جنيف - 2» ومن العودة الأطلسية إلى الملف الكيميائي وحقوق الإنسان, والتشديد على رحيل الرئيس بشار الأسد, ثم الحديث عن حشود عسكرية لجيش قوامه 16 ألف مقاتل مجهّزين للزحف إلى سوريا وإسقاط دمشق بدعم عسكري مباشر من القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة, ومن الجيش الاسرائيلي الذي دعته المعارضة السورية إلى دعمها عسكرياً مقابل تنازلها له عن الجولان المحتل بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. التصوّر الثاني يتوقّع مقايضات بين روسيا وحلف الأطلسي في أوكرانيا, تقدّم إغراءات للروس في أوكرانيا مقابل تنازلات لها في سوريا تسمح بالتدخُّل العسكري المباشر بذرائع المساعدات الإنسانية أو السلاح الكيميائي, والذين تبنّوا هذا التصوّر يستندون إلى إنهاك الجيش السوري في معارك تسمح له بتحقيق انتصارات متتالية لكنها تستدرجه إلى حرب لم تكن في حساباته وليست في نطاق قدرته على التحمُّل وطاقته على دفع عدوانيتها ومواجهة تداعياتها العسكرية والسياسية. من المؤكد أن الصراع بين الأطلسي وروسيا يربط عضوياً بين أوكرانياوسوريا, وهو بهذا مفتوح على كل الاحتمالات, غير أن الواقع يشير إلى أولوية الحسابات الاسرائيلية التي تقتضي تأمين اسرائيل من تداعيات أي سيناريو محتمل ضد سوريا, وهذا يعني تحييد إيران ومحور المقاومة ثم تجنيب اسرائيل حرباً شاملة تبدأ من المعلوم وتتجه إلى المجهول من نهاياتها في الزمان والمكان..!!. [email protected]