لا أحد يستطيع أن ينكر حالة البؤس وكمية الإحباط التي تخالج الكثيرين وهم يتحدثون عن الثورة ،أصبحنا ندافع عن الثورة أكثر من دفاع أنصار علي صالح عن ماضيه وفترة حكمه ،هنا بعد ثلاث سنوات يتضح أن أهداف الثورة لم تعد واضحة لأحد وإن كانت قبل وقت من الآن غير معلنة بتلك الكيفية التي يجب إن تكون عليها دونما تشويه وتجزئه وشخصنه لتصبح نتيجة لتشويه الأمس وغموض اليوم كل نتائج التسوية السياسية وكأنها نتائج للثورة. ثورة وثورة مضادة في ساحة وزمن واحد هذا ما حصل لقد انقلبت الثورة على نفسها ما أن تم تغيير مطالبها بذاك الشكل كالدعوة للمجلس الوطني والذي أصبح فيما بعد الطرف الموقع على تلك التسوية ومن ثم الدعوة للمشاركة في انتخابات رئاسية مبكرة ، جاهدت المنظومة الفاسدة للحفاظ على شبكة مصالحها والتي تعارضت مع الصالح العام لتصبح البلد نتيجة لذلك التعارض رهينة للتدخلات. التوافق قسمة حولت المعارضة لطرف حاكم إلى جانب السلطة فبدت الثورة وكأنها حراك فئوي لم يكن الشباب فيه إلا أداة للوصول إلى السلطة. إسقاط الحساب وذلك بالعفو العام الضمني عن كل من تورطوا في قتل الثوار جعلت الثورة تبدو غير بريئة في أعين الكثيرين والذين يرونها أصبحت سبباً في صياغة صك الغفران لكل أولئك الذين تورطوا في سفك الدماء ونهب المال العام وإدخال البلد في دوامة من المواجهات المسلحة والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع أن العفو لم يأت إلا عن تلك التسوية. منذ تشكيل حكومة الوفاق والبلد تسير في عبثين ،عبث ناعم تغلفه الإجراءات القانونية والسياسية وذلك تمثل في استشراء التحاصص في كل مؤسسات الدولة حتى لا يتمكن أحد الأطراف من الهيمنة الإدارية على تلك الدوائر الحكومية والانفراد بالقرار .العبث الآخر الأشد قسوة وعنفاً صبغه الدم وتهشم الرؤوس وتبعثر الأجساد في عمليات اغتيال أخذت الكثير من القيادات الأمنية والعسكرية وكذا السياسية والأجنبية والكثير من الضحايا من الجنود الذين وقعوا ضحية لجميع الأطراف وبسبب جميع الأطراف بدوا الحلقة المتهمة الوحيدة والمستهدفة من الجميع. الاغتيالات لم تكن لغة الموت الوحيدة على الأرض هناك الكثير من المواجهات تحت مسميات مختلفة أثرت بشكل ما على مجريات الأحداث ، فما بين أخبار المواجهات في بعض المحافظات الشمالية وأحداث المحافظات الجنوبية تتوزع الجثث والجثامين والتأويلات والاتهامات. الثورة لم تستطع أن تجد قائداً لها من الشباب لكن ما أن وُجد ضمنها قادة شوهت لقد استطاع كل من كان سعى لإفشال هذه الثورة من صنع قائدين أحدهما عسكري وآخر مدني هنا أتحدث عن اللواء علي محسن وتوكل كرمان وإن كان البعض سيغضب لهذا الحديث إلا أنني أتحدث عن أثر انضمام اللواء وفوز توكل على سير الثورة أكثر من حديثي في من يكونا أو في مقارنة أحدهما بالآخر أو صواب هذه المقارنة؟! ،فانضمام علي محسن أظهر الثورة وكأنها صراع بين أطراف الحكم ليصبح وجوده في الساحات كابح لأي تحرك سلمي يحاول الخروج من سيطرة القوى التقليدية ،أما فوز توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام لم يكن إلا اعتراف بالثورة أولاً قبل الاعتراف بسلميتها وتتويج هذا الحراك الشعبي بهذه الجائزة . انضمام اللواء علي محسن ولد شعوراً بأن الأمور ستتجه للحسم العسكري وبدوره أصبح اللجوء إلى حل بديل مهما كان متناقضاً مع أهداف الثورة مقبولاً وضرورة لتفادي الدخول في حرب أهلية ،أما فوز توكل أدخل الثورة في خمول ونشوة الشعور بالانتصار من خلال الشعور باعتراف العالم بالثورة و تحقق الغلبة على الآخر ولو معنوياً حينما تكرم أحد المحسوبين على الثورة حالة الاحتفال التي رافقت مع الحصول على الجائزة أدخلت الجميع في غيبوبة بعض الأفكار التي خلقت ذاتياً كوقوف العالم ضد صالح مع الثورة فأصبح أي تدخل مقبول ولا يستجلب الخوف أو القلق هنا لا أتحدث عن استحقاق توكل للجائزة من عدمه ولا أشيد بالجائزة من عدمها أيضاً أكثر من كوني أتحدث عن لحظتها الزمنية ضمن الاتجاه الثوري والعملية السياسية التي تخللته. العجز الذي رافق حكومة الوفاق جعل الحديث عن قبل11فبراير2011م يثير الكثير من الرضا في نفوس الكثير من العامة وأصبحت نتيجة مقارنة الوضع بين قبل 11فبراير عام 2011م وبعده نتيجة للثورة فيصبح قدحاً بها أصبح كل فعل في هذه المرحلة حملة تشويه للثورة. استطاعوا إيهام الكثير من المواطنين بحدوث التحول وأصبحت مقارنة الأوضاع الحالية نتيجة عملية لذاك التحول وليس بقاء البعض و وصول البعض الآخر بعباءة جديدة للحكم هما السبب في تردي الأوضاع وبقاء المنظومة الفاسدة على ما هي عليه.