مع أواخر التسعينيات كتبت مقالاً عن الكهرباء وحمّلتها مسؤولية الانفجار السكاني الحاصل في وطننا الحبيب، على اعتبار أن الساعتين اليتيمتين وبالذات في الفترة الليلية التي تنطفئ فيها كانت تمثل فرصة سانحة للإنجاب، فساعتان من الظلام تقابل ساعتين من الرومانسية والجو الشاعري وجرعة أفظع من الفياجرا. حتى أن الكثير منا كان ينتظر انطفاء التيار بفارغ الصبر ليبدأ مشوار الأرنبة التي تلد كل عشرين يوماً، ولو أن هناك دراسة عن نسبة المواليد قبل مشكلة الكهرباء وبعدها لوجدنا فارقاً كبيراً والزيادة أضعاف أضعاف، وإلا من أين جاء الانفجار السكاني الفظيع في ظل غلاء المعيشة. اليوم انقلبت الآية ولم تعد الكهرباء صديقة التكاثر والتناسل بعدما أوقف الظلام الدامس الحرث والنسل الزوج ضابح والزوجة ضجرة والكهرباء غائبة عنهم لساعات وأيام ولم يعد الوقت سانحاً للإنجاب فكلاهما دون كلل يردد حتى مطلع الفجر طفت لصت ويسأل كل منهما الآخر وهو في حالة هستيرية متى سيأتي التيار الكهربائي الذي يا دوب يشحنون به تلفوناتهم السيارة، بل أصبح في محافظة كتعز عودة الكهرباء أشبه بالبخيل الذي يعمل لصاحبه رنة وينتظر منه اتصالا وصاحبنا ما شحن كرت. هناك قصة تروى عن وزير الكهرباء المصري عندما زار بلادنا في التسعينيات، وسأل وزير الكهرباء آنذاك: كم مقدار الطاقة المنتجة في اليمن؟!.. ظل الوزير يقلّب أصابع يده ويضرب أخماساً في أسداس, وقال بأعلى صوته وبكل فخر بعد أن بالغ كثيراً: عندنا ألف ميجاوات, معتقداً حينها أن هذا الرقم يمكن أن تدخل به موسوعة «جينيس» فما كان من الوزير المصري إلا أن رد عليه ساخراً: وزارة مسبّعة مربّعة بألف ميجاوات؟!. و يا ريتنا حافظنا على النصف و يا ترى لو زار نفس المسؤول بلادنا وأعاد نفس السؤال ولكن بطريقة ثانية كم تبلغ الطاقة الكهربائية المستأجرة مقارنة مع ما ننتجه من طاقة أعتقد أن الإجابة ستكون صادمة لو علم أننا نستأجر الطاقة بمليارات الريالات وبمجرد أن يعتدى على خطوط النقل في مأرب تذهب الطاقة في مهب الرياح وتعيش المحافظات التي اشترت الطاقة في ظلام دامس..!! وزارة الكهرباء بدأت في تطبيق نظام الدفع المسبق للتيار، ما يعني أننا سوف نشتري لهذا الغرض عدادات بمئات الملايين ونستبدل العدادات التي دفع من قوتنا المليارات.. علماً أن مثل هكذا نظام لا يطبق إلا في دول لديها طاقة كهربائية فعلاً وليس بلادنا التي لم تصل طاقتها الكهربائية مقدار ما توفره المملكة السعودية للحرم الشريف.. إلى هدي الدرجة صار دمنا خفيف (سع) المصريين نعم إننا ننكت في زمن غابت الضحكة عن أفواهنا وعدادات الدفع المسبق أبيخ نكتة على وجه الأرض. الوزير صالح سميع وعد أن في الأيام القليلة سوف تحل مشكلة الانقطاعات التيار الكهربائي وأن القادم سيكون أفضل..؟!