«أخي العزيز.. لقد حصرت الأمر في الحريق فقط، الحريق مجرد شرارة ومؤشر للفوضى الخلاقة التي ينتهجها المجتمع اليمني مستهلكاً وتاجراً. نحن كمجتمع نحب ونرغب ونتعايش في العشوائية.. مادمت تدفع مالاً لشراء القات من داخل كيس متسخ ومن الرصيف بجوار برميل القمامة.. فلا تحزن إذا حدث هذا الحريق فهو متوقع.. لأننا نحرق أنفسنا معنوياً قبل أن نحرقها بالنار. أخيراً.. من الأفضل أن نقرأ الدروس والعبر من المشكلة بالكامل ومن ثم ننفذ برنامجاً توعوياً لدى المستهلك, التاجر, والناس عموماً... لأن المستهلك الذي يبحث عن النظافة والترتيب والنظام سيفرض على التاجر أن يوفر كل هذه المستلزمات وعمل برنامج تنظيم شامل لكافة السوق من رأسه إلى أخمص قدميه.. مع جزيل الشكر». الرسالة أعلاه جاءتني من القارئ «عبدالله سيف» تعليقاً على مقالة أمس الأول عن حريق مركز التحرير بتعز... هو هنا يشير إلى الجانب المجتمعي وواجب الناس في حماية أنفسهم والوقاية من كوارث يصنعونها بسبب غياب الثقافة المدنية وقيم النظام، على اعتبار أن من يقبل مخالفة السلامة في الأسواق بل ولايعرفها ويقبل القمامة ويتعايش معها ويساهم في تكدسها سيجر الحريق إلى بيته والحارة والسوق.. المجتمع هو أساس الحياة ومن المؤسف أن نرى حرص الشعوب الأخرى على نظافة المدن والشوارع وعلى توفر أدوات السلامة ومراقبة ذلك بصورة قيم وقوة يمارسها المجتمع بينما مجتمعنا لايهتم بشيء ويساهم في انتشار المصائب ووقوع الكوارث على رأسه. هذا أمر يحتاج إلى عمل كبير يشترك فيه التعليم والتربية والإعلام والسياسة وهي مهمة النضال الشعبي نحو الأفضل فالثورات ليست ضد أشخاص بقدر ماهي ضد عادات وسلبيات منتشرة قتلت وشوهت كل مناحي الحياة.. نأمل أن يعلم الناس بعضهم بعضاً ويتخذوا من المصائب فرصاً لتجاوز السلبيات والعشوائية.. لكن يبقى في كل الأحوال دور السلطة والإدارة أمراً جوهرياً سواء في التوعية أو توفير أدوات السلامة وشروط النظافة والتأمين والمتابعة والإشراف. وهنا لابد أن نشيد بإعلانات السلطة المحلية بعد مصيبة حريق مركز التحرير التجاري في قلب المدينة حول ضرورة الالتزام بشروط السلامة وغلق الأسواق التي لا تلتزم بهذه الشروط، فحياة المواطن أولى من الربح الرخيص ...هي قالت إنها ستعمل برامج متابعة لمنع تكرار الكارثة وهذا واجبها ونحن نشكرها على القيام بواجباتها تجاه سلامة وحياة المواطنين, مع أن لدينا تخوفاً مشروعاً فيما يتعلق بالجدية والنظر إلى هذه التصريحات بعد كل مصيبة كجعجعة بدون طحين، واسطوانة نسمعها بعد كل كارثة طبيعية وأرواح تزهق. هذه تخوفات الشارع نحملها للسلطة المتحمسة الآن خاصة وهناك حالات مشابهة من التصريحات التي لا ترى طريقها إلى الواقع. خذ مثالاً مازال شاهداً وهو سقوط الجبل في جولة وادي القاضي قبل أربعة أشهر، حيث سمعنا تصريحات بعمل حل لحماية البيوت المهددة وأكثر من ذلك عمل حل عاجل لوضع حماية أو إسقاط الجبل على نظرهم الذي مازال معلقاً على الشارع والبيوت قبل أن يسقط بفعل الأمطار الغزيرة هذه الأيام ويحدث كارثة على نظر وبصر السلطة رغم تصريحاتها الحامية حينها بعمل اللازم وزيادة!. أرجو أن يتطور المجتمع في ثقافة الحفاظ على سلامته والسلامة العامة وقبل ذلك أن يتطور أداء السلطة والإدارة فهي المسؤولة الأولى عن أرواح الناس وحمايتهم من المخاطر. [email protected]