بالأمس القريب حوصرت (الزيدية) وجرى التآمر عليها لإسكات صوتها تحت سطوة القول الواحد/ الصوت الواحد, ثم جاءت بعض المساجد بروعة معمارها؛ لتشغل العيون عن النظر إلى إشراقة الجامع الكبير في صنعاء والإحساس بمكانته الدينية والتاريخية والعلمية, وينتهي الأمر اليوم بالاستهداف الأخطر للزيدية على يد جماعة ولّت وجهها شطر إيران, في عدائية مبطنة للفكر الزيدي ورمزيته ورموزه. سيسجل التاريخ أن عصبة من (مرّان) ضاق بها فضاء الزيدية الرحب وأفقها الواسع وموروثها الخصب, فذهبت تستجدي ملالي قم وطهران والحرس الثوري فكرًا مستعارًا يعطيها شيئًا ترفض الزيدية أن تعطيه , يعطيها الوهم والتأزم والعُقد التي لم تعرفها الزيدية؛ لأن الزيدية فكر ووعي وخطاب وسياسة وعقل استطاعت به أن تعيش وتؤثر وتتطور وتنضج وتعالج الأخطاء وتتعايش مع الآخر ولا تزال حتى اليوم. نحن اليوم أمام جماعة أغارت على اليمنيين وتاريخهم وموروثهم وخبراتهم المتراكمة في إدارة التنوعات المذهبية والعشائرية والجهوية, أغارت وقفزت على هذا كله بعقليات متحجّرة وأنانية سافرة جاءت بكل عنجهية وحماقة تقول لكل اليمنيين, ولجهود اللحظة التي تحاول إخراجنا إلى بر الأمان: (سنقف في طريقكم وسنشغلكم بمعركة غير معركتكم, وسنحول دون تحقيق ما يريد اليمنيون الوصول إليه). إذن, ينبغي اليوم الإقرار بأن الزيدية أوذيت وسكت الجميع, وهي اليوم برموزها ومعالمها أول من يتعرض لسهام البطش من جماعة أعطت قيادها لفكر ليس فيه غير لغة الاحتراب وإسالة الدم, وإيهام المغررين بهم أن وراء العنف مستقبلاً حافلاً بالسلام والتطور والتمكين. ولهذا نقول: إن المطلوب اليوم من علمائنا وخطبائنا أن ينتصروا لسماحة التنوع الفقهي في اليمن, في سياق انتصارهم للإرادة الوطنية الجامعة التي قالت حين كشفت الحرب عن ساقها في 2011م: لا للحرب الأهلية, فخرج الوطن بسلام, وتأكد أن اليمنيين كانوا ولايزالون نموذجًا في الحكمة والقدرة على التحاور في أصعب اللحظات. مهمة العلماء وخطباء المساجد والوعاظ والمرشدين أن ينتصروا لطهر الفكر الزيدي وصفائه وحكمته ونضجه وسماحته, فوكلاء إيران يمارسون عملية تضليل وتجهيل واسعة لدى الشباب؛ لينضموا إليهم بالفكر أو البندقية لقتل جنود هنا, وهدم بيت هناك, تحت ذرائع واهية ومغالطات يصعب على كل متابع تصديقها, كما هي ذرائع أهل الضلال من أنصار الشريعة, وهكذا هم من يدّعون النصرة لله أو للشريعة والتميز بها على سائر الناس في هذه الأيام, فالمسمى واحد والنهج واحد ورصاصهم تتجه إلى صدر واحد هو صدر الجندي الذي يحفظ أمن الوطن. [email protected]