في الأجواء الملبّدة بمسيلات الدموع ودخان الإطارات؛ ثمة ثقب صغير يفضي إلى أفق لا نهائي من الضوء الممكن، وقد جاءت التغييرات الوزارية محاولة جديدة للدفع بعجلة التغيير صوب الأمام وردّاً حاسماً على دعوات النكوص وموجة الحنين الجارف إلى ماضٍ مازال أثر فأسه في كل رأس يمني. ربما لأسباب تتعلّق بالأضرار الصحية للقات وسوء التغذية؛ ينسى كثيرون من اليمنيين طعنات الماضي التي مازالت طازجة الدم إزاء شوكة على طريق الحاضر، فأن يخرج محتجّون على الأزمات التي تخنقنا جميعاً؛ فهذا مما لا غبار فيه وهو شاهد على أن الشعب اليمني مازال حيّاً وقادراً على إدارة دفّة التغيير ولو ب«إطارات محروقة»..!!. لكن أن يُراود هؤلاء المتبرّمين من الوضع المتأزم شوق إلى رجل من الماضي ليكشف عنهم الضر الاقتصادي؛ فليس في الأمر ذرّة عقل أو بذرة منطق، فمن الحماقة جداً أن يستجير شعب من الرمضاء بالنار. وأرادت أن تقول لنا هذه الدعوات الناكصة على عقبيها إن هذا الشعب المغلوب على أمره يعيش اليوم عقوبة العصيان الثاني الذي أخرج أحفاد السبئيين من جنّة "الصالح" كما أخرج أجدادهم من جنتين عن يمين وشمال..!!. هكذا وجد المطبّلون والنائحون على الأطلال فرصة لممارسة نزاعاتهم النفسية المريضة؛ مستغلّين انعدام المشتقات النفطية وانطفاء الكهرباء في الترويج للماضي ودعوة الموتى من مقابرهم السياسية للعودة إلى حكم بلد عانى في عهدهم العريق ويلات العذاب. ومن المؤسف أن تصبح «ثورة فبراير» المتهم الأول في هذه الأزمات؛ وهؤلاء الذين يرونها كذلك هم أنفسهم من يرون بعين السخط الوحدة اليمنية رأس البلاء وشر الداء؛ مهما يكن فالتغيير الأخير في الحكومة الوفاقية قد يبعث قدراً من الأمل، فالتغيير شيء إيجابي بحد ذاته. وكإعلامي لابد أن يحتفي بدرجة ما بأي تغيير يمس المؤسسة الإعلامية الرسمية؛ أرى أن في تعيين الأستاذين الزميلين نصر طه مصطفى وفؤاد الحميري على رأس وزارة الإعلام بارقة أمل كبيرة؛ لكنها مازالت حتى الآن تلوح من أجواء ملبّدة وثقب صغير.