استحوذت التطوّرات الأخيرة في العراق على الإعلام العربي والدولي بعد أن سيطرت قوات دولة العراق والشام المعروفة اختصاراً باسم داعش على الموصل وتكريت وكانت تحتل سامرا وجلولا وأعلنت العشائر بعد نجاح العمليات الكبيرة في الموصل وتكريت وظهور بعض زعمائها كالشيخ علي الحاتم والشيخ حمد أبو ريشة إن قبائل الأنبار وأبناء محافظتي نينوى وصلاح الدين قد تنادوا فيما بينهم للزحف نحو بغداد ومعهم داعش التي يُقدّر عدد أفرادها بألف رجل. وأظهرت الصور التلفزيونية آلاف الجنود العراقيين الذين استسلموا بدون قتال في الموصل وفي تكريت مما أتاح لقوات البشمرقة الكردية الاستيلاء على مدينة كركوك المتنازع عليها مع الحكومة العراقية المركزية والغنية بالنفط وعلى معبر اليعربية على الحدود مع سوريا وقام مسعود برزاني، رئيس الإقليم الكردي بزيارتها أثناء زيارته لمخيمات اللاجئين العراقيين والسوريين الأكراد التي أقيمت هناك على عجل واغتنام فرصة تشتّت قوات الجيش والأمن العراقية. ويُذكر أن صحوات العراق المكونة من العشائر التي ظهر زعماؤها وفي مقدمتهم الشيخ حمد أبو ريشة عام 2006م كقوة جبّارة قضت على أبي مصعب الزرقاوي وجماعته والتي كانت أثارت الخوف بين السُكان السنة والشيعة على حد سواء وأقضّت مضجع الأمريكيين للعنف والوحشية التي تميز بها الزرقاوي الأردني الجنسية وإن كان يعلن عن نيته إبادة الشيعة في العراق عن بكرة أبيهم فيما يُعامل أبناء السنة كالعبيد الذين لا يحق لهم الدفاع عن أنفسهم ولو بالكلمة. ومضت أيام فقط على مقتل الزرقاوي على أيدي رجال الصحوات حتى شاع خبر تحالفهم مع حكومات بغداد وتحوّلهم إلى قوة نظامية كالجيش يرتدون الزي العسكري والشرطي ويحصلون على المرتبات مما عجّل بالتفكير لدى الأمريكيين بالإعداد للانسحاب من العراق قبل أن يصل أكبر عدد منهم على أيدي الصحوات باعتبارهم أشرس من الجيش وأخبر بمناطقهم وبشركائهم الصحراويين، وهذا ما حدث فعلاً بعد سنوات قليلة تحت ضربات العراقيين، سنيين وشيعة وجيشاً وشرطة وصحوات شديدة البأس. الآن ومنذ أسبوع أو أكثر تكشّفت أمور كبيرة وظهرت أوراق مختلفة في المشهد العراقي حيث يزعم رئيس الوزراء نوري المالكي أن العراقيين جميعاً يؤيدونه ويستدل على ذلك بالفوز الذي حققه في الانتخابات الأخيرة وأن بغداد لن تسقط ما دامت العشائر بصحواته تقاتل داعش جنباً إلى جنب مع الجيش وأن الموصل وتكريت ستُحرّران قريباً، وأما هذان الشيخان فيتحدثان عن خطة مشتركة لإخراج قوات المالكي من الموصل وتكريت والفلوجة بعد تطهير الأنبار منهم ويؤكدان أن النصر قادم على الإرهابيين وعلى من يمولونهم من خارج الحدود مع الإشارة إلى إيران والولايات المتحدة اللتين أعلنتا عن إجراء محادثات وتنسيق بينهما بشأن الأوضاع في العراقوسوريا وأرسلت وزارة الدفاع الأمريكية حاملة طائرات إلى الخليج تحسّباً لأي تطورات تهدّد المصالح الأمريكية في المنطقة ويحذّر بعض السياسيين والمحللين العسكريين تحقيق وتنفيذ فكرة المثلّث الشيعي كما نجحت بريطانيا وفرنسا في إيجاد الهلال الخصيب المكوّن من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن في بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914م.