مدينة للحلم، للحلم وكفى، نافذة للآمال الكبيرة والكثيرة؛ ترتد بصفق على وجوه حالميها، تغيب أبجديات ومفاتيح الانفتاح فيها وصيرورة الفرح، كانت مع جيلها الأول ملاذاً للتفاؤل والوعي والإدهاش، يتسابق أبناؤها مع الحلم، ويبادرون إلى بداية الاصطفاف نحو الرقي والإبداع، يلتحفون بساطة الحال، يشاركون البناء في كل مفاصل الوطن، يتقنون ويتفنون فيه، يتصدّرون حلمهم، ويُصدرون إبداعاتهم مع مهاجل الروح نحو واحات الوطن. أينما تجد واقعية الحلم، سحر الحلم فهناك أبناء مدينته، كانوا على نواصي الثقافة والعلم والمهن والآداب والفن هكذا كانت مدينتهم وهكذا كانوا، واليوم استنساخ لمدينتهم تحت الخطأ المقصود والتهجين المشوّه، فبينما كانت نسبة نجاح المخرجات في كافة المجالات بحجم حلمهم؛ تأتي النسبة الآن مخجلة لا ترتقي بمكانة مدينتهم وتاريخها. لا تكلّف نفسك في البحث عن الخيبات المخجلة والوجل المدجن والألم المفجع؛ يكفي أن تترك لحواسك المجرّدة لتحصي كل ذلك، فوجود الأضداد والمتناقضات واجهة المدينة، فاستبدال سلاح الحياة بسلاح الموت، والتنافس المشرّف بالعلم والارتقاء إلى سلوكيات التقليد الأعمى والهبوط القيمي، واستنزاف الطاقات بمعاول هدم، واستلذاذ الأجساد بالوهم، وإفراغات لمرتكزات معدومة وفقدان لأهداف مفقودة لم تكن يوماً بالحسبان. تفقد مدينة الحلم رائحتها المعتقة بالتاريخ التليد، ويحل بها عبث مأفون وانحسار في ملامحها الواضحة نحو الشيخوخة، تلتهم جسدها سرطانيات نابتة غير ملائمة لبيئتها الطاهرة، تترهّل مدينة الحلم وتضيق وتضيق، وتتوارى عنها كل مقومات الانتشاء والحياة، تتكدّس بأكوام بشرية عاطلة، تفقد بوصلة الاتجاه، وتعيق مدينة الحلم عن عودة الحلم. كم هو مؤلم أن تتساقط أمامك أحلام مدينتك في الحياة، وتتوه في أروقتها بغرابة موحشة، تحاول أن تفهم ما يدور حولك فتنقطع لغة التواصل ويصعب عليك استيعابها. [email protected]