رجب هو الشهر السابع في تسلسل الشهور القمرية فللرقم سبعة دلالة هامة وتميز عن بقية الأرقام وينشق اسمه من الفعل رجب أي عظم وقدر فيقال رجًب القوم سيدهم أي بجلوه ووقروه، وتأتي عظمة رجب لكونه من الأشهر الحرم التي حرم فيها القتال منذ الجاهلية الأولى واكد على هذه الحرمة الإسلام من بعد فقد ثبت في الصّحيحين عن سيّد المرسلين ? أنّه قال: «السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ».وقيل له: رجب؛ لأنّه كان يُرجَّبُ؛ أي: يُعظَّمُ، وأُضيفَ إلى مُضر، لأنّ قبيلةَ مُضر كانت تزيد في تعظيمِه واحترامِه. وله غيرُ هذا من الأسماءِ الّتي تدلُّ على شرفِه. و ها هو شهر شعبان يمشي مهرولا كعادته فقد أصاب العرب قديماً يوم أسموه بالعجلان لعجلته وسرعة انقضاء أيامه, ويقال أن شعبان سُمي بشعبان لتشعب القبائل فيه وتفرقهم أما بحثا عن الماء أو للغارات والحروب ويقال سمي شعبان من شعب أي ظهر، وهنا كان ظهور شعبان بين رجب ورمضان .فيمضي هذا الشهر الجميل عجلا ليدخل شهر رمضان الكريم الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار ولا شك أن الأعمال تقاس في رمضان بمقياس آخر فها هي الحسنات أعظم ثواباً و ها هي السيئات أعظم خطيئة، هذه الأعمال التي تستحق نية صادقة وعزماً عظيماً لإدراك سبيل المبصرين في زمن زادت فيه العتمة وزادت فيه الفجوات بين الأفراد والمجتمعات والدول .. فكلما كثرت الخطايا في رمضان إلاِّ ودلت على مدى غفلة الإنسان عن انتهاج الطريق المستقيم الواضح المعالم، وكلما زادت الإشكالات المجتمعية والسياسية والاقتصادية إلاِّ ودلت على عدم انتهاج ما أمر الله واجتناب ما نهى عنه فالمتأمل يرى الكثير من الإشكالات والخصومات على كافة المستويات. وهاهم الصغار يدركون أن رمضان غير الشهور الأخرى إذا مالاحظوا ابتهاج الكبار بقدوم شهر الخير, فالكبار يتحملون المسؤولية هنا في توفير كل ما يجعل من رمضان شهر جديراً بالاحتفاء، كل على قدره وبحدود إمكاناته، قد تكون مظاهر الاحتفاء في ظاهرها أموراً بسيطة لكنها في حقيقة الأمر تعد تقديسا لشعائر الله وتعظيماً لشهر مجيد يستحق الاحتفاء ويستحق الابتهاج ويستحق التفرغ للعبادات والطاعات والصدقات وإنهاء الخصومات والنزاعات ومخالقة الناس بخلق حسن بل أحسن الخلق ينبغي أن يكون في رمضان. وشهر رمضان لا يعني واحة إيمانية صرفة تقتصر على أداء حقوق الله وعلى أداء الصلوات وتعزيز الرابطة بين الإنسان وربه وحسب, بل يعني استحضار النية وإظهار العزم لتحسين العلاقات بين الأفراد والأسر وتبادل الزيارات والإقدام في إصلاح ذات البين وما أكثر البين في وقتنا الحالي وما أوسع الفجوات بين الناس...وما أكثر جراح الأمة التي ينبغي أن تجد من رمضان فرصة للشفاء بل محطة للوقوف مع الذات بشكل صريح ونبادر بالسؤال بكل ثبات كيف علاقتنا بالله ؟وكيف علاقتنا بالأفراد ؟وكيف أداءنا في المجتمع !!..ماذا اعددنا لأنفسنا كي نستحق النهوض من جديد !