عندما نسمع جملة «صدقة جارية» يتبادر إلى أذهاننا أن أحدهم بنى مسجداً ليصلّي فيه الناس أو خزان مياه ليشرب منه الناس أو مهّد طريقاً، لكن الحقيقة هي أن «صدقة جارية» اسم حملة يقوم بها فريق عمل من شباب الثورة بدأت فكرتها منذ 30 يونيو 2014م، الموافق 3 رمضان 1435ه. تهدف الحملة إلى زيارة الإدارات الحكومية في تعز التي ظهر فيها الفساد جليّاً، وكذلك أعضاء مجلس النواب الذين تناسوا حقوق ناخبيهم، وتهنئتهم جميعاً بشهر رمضان، وتنبيههم بطريقة ودّية إلى أوجه التقصير والفساد الإداري؛ وذلك لتحريك المجتمع ضد الفساد. الفريق يشكّل حملة صادقة للفت انتباه الإدارات الحكومية إلى مظاهر الفساد، وإصلاح الخدمات التي أصبحت متردّية للغاية، ورفض الاستمرار في هذا الوضع الرديء. لذا كان التحرُّك لزيارة المسؤولين هو «الصدقة الجارية» التي تهدف إلى إصلاح الأوضاع ورفع مستوى الخدمات، كما تطالب بكفاءة العمل ومحاربة الفساد، ولتقريب وجهات النظر بين الإدارات الحكومية التي تلقي باللوم على بعضها. فالخارج إلى الشارع يجد الدرّاجات النارية منتشرة بشكل عشوائي وتُعامل معاملة الإنسان في عكسها لحركة السير، ومجاري طافحة، والقمامة تملأ الشوارع، والفقراء ينامون على الأرصفة وسط كل هذا الوباء، والكهرباء غائبة في الليل؛ حاضرة على أعمدة الشوارع في النهار، والحرائق تنتشر بين كل فترة وأخرى دون جاهزية كافية للدفاع المدني إلا من سيارة تأتي فارغة من الماء، والصمت مخيّم على المواطنين، فلماذا كل هذه السلبية..؟!. بدأ فريق «صدقة جارية» بزيارة مدير شرطة السير الذي تعاون مع الفريق وتقبّل الملاحظات، وتحدّث عن المشاكل التي تواجههم، وألقى ببعض اللوم على عدم تعاون مكتب الأشغال والطرقات ومكتب تحسين المدينة والنظافة في تعز؛ الأمر الذي أدّى بالفريق إلى زيارة مدير عام الأشغال والطرقات في تعز ومدير الأشغال في مديرية المظفّر، وناقش الفريق معهما قضايا الحُفر والمطبّات في الشوارع ومخلّفات البناء وهياكل السيارات واحتلال الأرصفة الخاصة بالمارّة ومن ثم قام الفريق بزيارة مدير عام شرطة تعز وناقش معه موضوعات «المخدّرات، والتهريب، والاكتظاظ المروري، والدرّاجات النارية، والسجون غير القانونية، وأقسام الشرطة الرديئة، والتنفيذات على المواطنين بطريقة الحكم الملكي الإمامي، وعقّال الحارات وعدم مشروعية ممارساتهم، وإطلاق المتهمين من النيابات بعد قبض الشرطة عليهم، وبرنامج أصدقاء الشرطة ودور المجتمع في مساعدة رجال الشرطة، والألعاب النارية». كما زار الفريق الدفاع المدني الذي أدخل عليه مدير الشرطة بعض الإصلاحات، ومن ثم زيارة إدارة مؤسسة المياه والصرف الصحي التي اتضحت بعض الحقائق في وضع المؤسسة ومديونيتها وما تعانيه، فربما تستطيع الحملة السعي إلى إيجاد مقترحات حلول للمؤسسة، وزيارات أخرى تشمل تفاصيل كثيرة قام بها الفريق بهدف تحريك المياه الراكدة لإصلاح أوضاع الخدمات في مدينة تعز. الذي شدّني في هذه الحملة التي تبنّاها فريق متطوّع من شباب الثورة بدأ بفكرة طرحها الدكتور ياسين عبدالعليم القباطي ولاقت تقبُّلاً من الشباب، وفكرتها مفتوحة للمشاركة لكل من يحب تعز هو أنها تهدف إلى تحريك الوعي المجتمعي، ورفض الاستمرار في الصمت، كما أنها رسائل قوية للإدارات الحكومية من أبناء المجتمع الذين يشاركونهم المُعاناة وليس من جهات عليا، والفريق يوثّق كل عمله لزيادة المشاركة عبر «الفيس بوك» وهي خطوة نحو الرفض لانتزاع الحقوق، والحملة مستمرّة. [email protected]