من الأقوال التي تستحقُّ التأمل ، هذه المقولة: ( أصل الخطايا كُلّها الشّعور بالنّقص، وبتعبير آخر، الطموح )، لا أدري إنه بالإمكان إسقاطها ، أو إسقاط جزء منها على ما يجري في محيط وأطراف ومداخل مدينة عمران وغيرها، أم لا؟ سأدعُ الإجابة لكم ..على أية حال ، من موقف وطني وأخلاقي وفكريّ معبرٍ عن إيمانه بكرامة الإنسان اليمني وحرّيته وحقه في العيش والتطلُّع ،خرج الشباب المستقلّ في 11 فبراير 2011، كأي شبابٍ في أيّ مجتمعٍ بشريّ يحملون في أعماقهم وقلوبهم وعقولهم مقومات وأسباب يقظتهم واكتمالهم ونضوجهم، باحثين عن مستقبلٍ يمحو عنهم شقاء عقود من الحرمان والبؤس وشتاتهم الإجباري بين المنافي والأمكنة، داخل البلد وخارجه ،ولم يخرجوا، قطعاً ،من أجل تمهيد الطريق ل السيد .عبدالملك الحوثي . أو “ أبو قاسم الرّيمي المتمرد، أو فروع “ بوكو حرام “ و” داعش “ ، أو لخاطر عيون هذه الجماعة، أو تلك كي يحكموا اليمنيين بالنار والحديد والفتاوى المُحرّفة والأحزمة الناسفة وشعارات هذه الصرخة، أو تلك، على اعتبار أن لكل جماعة (محنّطة) صرختها وضلالها وتضليلها. احفظوا هذه الجملة جيداً :” لن يستطيع المتمرد الحوثي ولا الميليشيات المسلحة خارج القانون ، ولا أيُّ شخص، لا يأتي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وتوافق اليمنيين وشراكتهم ، أن يحكم هذا البلد “، ولن يستطيع المتمرد الحوثي - أيضاً - ، أو أيّةُ جماعة مسلحة خارج القانون أن يُثبتوا لنا ولأي عاقل، أن الطريق إلى النعيم يجب أن يكون مبلّطاً بالرؤوس المقطعة والسيقان والأجساد الممزقة. ولن تسطيع أية قوّة أن تُثبت لنا بأن الطريق إلى الفردوس الأعلى ،وأن معانقة المجد والوصول إلى التقدم ، يأتي بالشعارات ذات التعابير والمفردات والنوايا الحسنة، فيما الأدوات الحقيقة المستخدمة ، هي السواطير وقذائف الهاون والبي10والمدافع والألغام وغيرها.. صحيح أن المتمرد الحوثي وغيره يراهنون على قضية إن المجتمع يعيش حالة فقر مدقع وتعب شديد في الحياة وتراجع في الخدمات وحاجة ماسة للقمة العيش، وما يُشبه حالة التردي الثقافي والغيبوبة الفكرية، لكن لا يعني هذا، بالمطلق، أن يأتي طرفٌ ومعه عدد من الأتباع والعاطلين وبعض الأسلحة المسروقة أو المنهوبة، كي يكسر إرادة اليمنيين ويقفز على المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار الوطني وحقيقة أن هناك رئيساً للبلد هو. عبدربه منصور هادي انتخبه أكثر من ستة ملايين يمني في فبراير 2012 يطمحون في بلد آمن ومستقر، ويدعمون رئيساً يُخرجهم من ظلمات الجهل والطائفية والصراعات والفساد، إلى نور المحبة والسلام والخير والنّماء والمدنية. أحداث عمران وما يصاحبها من إعلام وتحريض وشهية مفتوحة للقتل والتدمير بحجم سطح المحيط، ذكّرتني برأي للكاتب العربي الكبير. أُنسي الحاج ، لم أتذكّره نصّاً، لكن المهم في الأمر هو أنّه وصل لاستنتاج، يفيد بأن أخطر ما يتهدّد الضمير البشري هو أن تروّضه الثقافة على تقّبل الجريمة والقيام بها .. أما الفيلسوف “برتراند رمسليا “ فيرى إن الحرية الحقيقة والتأسيس لمستقبل أفضل لا تعني الحقّ الذي يجيز للإنسان أو القائد، أن يختار الشرّ .. ولا شكّ أن هناك اليوم في عمران والجوف وغيرها من الجماعات والميليشيات المسلحة من تُؤسّس لثقافة الجريمة وترويض الناس من أجل تقبّلها، والدّفع بهم لاختيار الشرّ وممارسة كل أنواع الظلم والانتهاكات ضد الإنسان والفكر والحياة والمستقبل. لا نريد أن نُسهب في سرد الأقوال، لكن مادام وقد أوردنا ما نعتقد أنه مناسب لفكرة وموضوع هذا الطّرح نستأذنكم في ختام هذا الحديث بذكر ما قاله ذات مرّة الفيلسوف والشاعر العربي الكبير. أبي العلاء المعرّي: “ كل شيء إذا كَثُر رخص، إلا العقل إذا كَثُر غلا “ وهذه المقولة، تقودنا، حتماً إلى حقيقة إن الذي يحدث في عمران والجوف وغير مكان، كلّه رخيص، وعبثي، ولا جدوى، أو طائل منه، سوى التدمير والقتل والفزع والتهجير.نأمل بأن الفكرة تكون قد وصلت.. دمتم بخير. [email protected]