لا توجد قصة نجاح متميزة لم تواجه الصعوبات والعوائق، فمن قرر النجاح فقد قرر التفوق على الصعوبات ضمناً. وعندما أقول لا نجاح بلا صعوبات فكأنني أقول لا نجاح بلا إرادة قاهرة للتحديات. ذكر العقاد ثلاثة شروط أساسية لمن أراد النبوغ في أمر ما وهي: 1- الشغف 2 – الميول الفطرية 3 – الظروف المواتية. إلا أنني أومن أن النابغة يستطيع أن يوفر لنفسه الحد الأدنى من الظروف الملائمة لنبوغه ولمعانه. ومن طريف ما أذكر في هذا الموضوع أن زميلنا الكاتب والصحفي تيسير السامعي لم يستطع عقب تخرجه من الثانوية الالتحاق بكلية الإعلام، لأن جامعة الحالمة محرومة من كلية للإعلام! لكن شغفه بمحبوبته – صاحبة الجلالة – التي هواها مذ كان فتى لم ينطفئ، فصمم على أن يحجز له مكاناً في بلاطها، وهو ما كان، وكم من أناسٍ لا يقلون إبداعاً ونبوغاً وظروفاً ملائمة لكنهم لفقدهم الشغف لم ينشروا حرفاً واحداً. ذات يوم اطلعت بالمصادفة على نص أدبي قصير في قصاصة مهملة، انذهلت للتكثيف البلاغي والإبداعي في مفرداته وظلاله، وعندما سألت عن صاحبه تبين أنه لإحدى هاويات الكتابة؛ هاوية بقدرات محترفة! صدقوني لو قُدر لهذه الأديبة المطمورة في عالم الإهمال واللامبالاة أن تتخلص من عوائق النشر– قد يكون العائق معنوياً نفسياً– فإنها ستنتشر على مستوى الوطن العربي. وقد كتب د. محمد الرميحي – رئيس تحرير مجلة العربي الشهيرة السابق – بعد زيارته لليمن: في اليمن اقلب حجراً تجد شاعراً. وهي عبارة قصيرة تُوجز معانٍ كثيرة: إحداها كثرة الشعراء والمبدعين اليمنيين، وإحداها أيضاً: الظروف الطاردة للإبداع في اليمن، فمبدعوها تحت الحجارة!.. وإذا أردت مثالاً آخر لمعرفة ماذا يصنع الشغف فيكفي أن تعرف أن أحمد الشلفي - مراسل قناة الجزيرة في اليمن – هو خريج دبلوم معلمين وليس كلية إعلام أو صحافة وتلفزيون أو يحزنون ، واستطاع وسط هُزء الكثيرين من المحيطين به أن يقهر الظروف ، ويصل لبعض ما يريد، وقُل مثل ذلك عن عبد الحكيم هلال – مدير تحرير صحيفة المصدر – فهو خريج بكالوريوس تربية قسم كيمياء، وعماد السقاف رئيس تحرير مجلة الأسرة والتنمية، وينطبق الأمر على معظم الأسماء اللامعة في الصحافة اليمنية والأسماء السابقة مجرد أمثلة عابرة للخاطر. وبالمقابل نتساءل: أين معظم الشعراء والفنانين اليمنيين الفائزين بجوائز ومسابقات عربية شهيرة، شاعر المليون، فنان الخليج، منشد الشارقة.. إلخ. أين ضاعوا؟! أين فؤاد المحنبي ودواوينه؟ أين اختفت إبداعات معاذ الجنيد وفؤاد عبد الواحد.. وغيرهم الكثير الكثير في مجالات مختلفة؟! أغلب الأحوال أنها ماتت أو نامت تحت ركام الإهمال، وقسوة الظروف.. ربما! حين يتحول العائق الخارجي إلى طاقة تستفزك من الداخل يصبح التحدي دعوة مفتوحة للنجاح والتفوق، وحين تكون الإعاقة من داخل النفس فليس يفيد أن تكون العوامل الخارجية كلها في صالحك،(فالقارب المعطوب لا يُصلحه أن تأتي الرياح كما يشتهي). “ يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته “ قالها رسول الله، وهذه بالضبط هي الروح المعنوية، روح الشغف وقهر الصعوبات والتي بفقدها تُوءد معظم طاقاتنا. ترى ما الذي ينقصنا لنتفوق فيما نحب؟ الشغف، أم المجتمع، أم الظروف المواتية أم ماذا؟ أعتقد أنه لو وُجد الشغف الحقيقي فإنه سيذيب جبالاً من جليد العوائق والظروف المعاكسة، ألستم معي في ذلك؟ شكراً على الموافقة! ودمتم باسمين وشغوفين.