ما جرى في عمران من جرائم مروّعة وقتل العميد «القشيبي» ومرافقيه بعد أسرهم هو جريمة حرب وسقوط إنساني وأخلاقي مريع؛ لكنه ليس كل القضية ولا أساسها، أساس القضية هو إعلان الحرب من قبل المتمرّد الحوثي وتوسُّعه في المحافظات بهدف إفشال المشروع الوطني والحوار وإعاقة بناء الدولة المدنية وجر البلاد إلى حرب طائفية إن استطاع. ومقاومة هذا المشروع ليست مسؤولية حزب أو شخص وإنما هي مسؤولية الدولة والشعب اليمني وكل القوى الوطنية، ولعل ما حدث يكون مناسبة لرص الصفوف والاصطفاف الشعبي وراء مشروع الدولة الذي يتآمر عليه. هناك مشروع واضح بإدخال الوطن العربي في حرب طائفية عن طريق صناعة الجماعات المتطرّفة مثل الحوثي وداعش وكما يجري في العراق وسوريا؛ غير أن اليمن غير مهيأة لحرب طائفية بل هي مهيّأة لاصطفاف وطني وتأسيس الدولة المدنية شرط أن يدرك الجميع مسؤولياتهم ويبتعدوا عن المناكفات الصغيرة واستجرار الخصومات الميتة التي تقتل الوطن وتسلّمه فريسة سهلة إلى المشاريع الظلامية؛ عندها ستبرز كل الجماعات المتطرّفة وستتحوّل اليمن إلى غابة حرب ستطال الجميع ولن يستفيد منها أحد ولن ينجو أحد ولن يختبئ أحد. أعتقد أن المخرج الوحيد هو التحرُّك الجاد والصادق لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، والوقوف مع الدولة؛ شرط أن تقوم بمسؤوليتها كاملة، وتخرج من دائرة الضبابية والفتور والسلبية، وتصارح شعبها بحقيقة المعركة. وبإمكانها كدولة؛ بل واجبها إعلان الاستنفار الوطني للوقوف في وجه التحدّيات والمؤامرات الوافدة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والتي منها سحب كل الأسلحة وحل الميليشيات المسلّحة من أي كان، والذي يرفض يكبّر عليه الشعب اليمني تكبيرة واحدة من شرق البلاد إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها. وتستطيع الدولة مع الشعب خوض حرب وطنية مبصرة وموحّدة لإنقاذ اليمن، أساسها الدفاع عن مشروع الدولة والجمهورية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الذي تُخاض الحروب من الجماعات الإرهابية والمتمرّدة الآن لإفشاله. هذه هي الطريقة الوحيدة لنجاة اليمن، أما إذا بقي كل واحد يتفرّج و«يتخاوص» لحاله ويذيب ضميره الوطني على أكثر من صفيح؛ فإنه لن يتمتع بشرب البن أو التخزينة أو التشفّي؛ بل سيصيبه ما أصاب اليمن، والمتفرّج سيكون أول المتضرّرين. الجميع عليهم واجب الاصطفاف، وفي المقدّمة القوى الأساسية أحزاب المشترك والمؤتمر الشعبي العام الذي عليه اتخاذ قرار تاريخي بالابتعاد عن المخلوع باعتباره أحد أدوات الحرب ومثيريها. الاستنفار واجب كل الناس أفراداً وجماعات، من نزلوا إلى الساحات ومن لم ينزلوا، كل من انخرط في مؤتمر الحوار ومن لم ينخرط؛ لأن السقف إذا سقط فسيسقط على الجميع، والمسألة فيها حياة أو موت اليمن، واليمن موعودة بالحياة بيقظة أبنائها واستنفارهم في أهم لحظاتهم التاريخية. [email protected]