«98» الدولة المدنية.. المبادرة الخليجية .. في خضم التشوهات الثقافية والسياسية والاقتصادية الناجمة عن التخلف وإعادة إنتاجه والتطورات الصادمة للاقتصاد الرأسمالي وما تقذف به إعصارات ثقافته إلى البلدان الهمجية بلدان العالم المتعثر تنموياً، يكون من الصعب تخليع أبواب العلاقات الإنتاجية والاجتماعية ناهيك عن قدرة الذهنية المشوهة فهم الثقافة العلمية واستخدامها لمصلحة النهضة وتحقيق نقلة نوعية في مجال مخاصمة الثقافة الماضوية القدرية والتخريفية والتضليلية ومغادرة معاقلها إلى غير رجعة. وتعرضت المفاهيم والمصطلحات التطورية التقدمية للتشويه عند نقلها من قبل النخب الأيديولوجية الزاعمة أنها تنتسب إلى كتلة الحداثة واليسارية والمنتسبة إلى الجملة الغيبية.. النخب القشورية التضليلية المزيفة مما رسخ موقفاً هشاً من الأفكار الحداثية النهضوية ومن ثم تقهقر الحركات اليسارية نحو الهلامية الفكرية والعقائدية التبريرية الأمر الذي كرس أفكاراً ومواقف لا يصح أن تكون رؤية رشيدة أو قراءة رشيدة لواقع الحياة الاجتماعية والسياسية المتعاصرة ما بين الرأسمالية والهمجية.. ومن بين هذه المفاهيم التي تعرضت للتشويه والاستخدام السيء مفهوم “ الدولة المدنية” من قوى سياسية وأيديولوجية ناصبت وما زالت تناصب المدنية وحداثتها العداء الصارخ ولأن المفهوم ظل مستعصياً على الفهم المحلي في المنطقة اليمنية إلا أن الجماعات التي سيطرت على قيادات الاعتصامات والمسيرات، وكانت بدقة التعريف شبه انتفاضة، قد تعسفت مفهوم الدولة المدنية وطوّعته لدعاياتها وتحريضها وتعبئتها للناس كما طوّعت من قبل “ الدين” كسلعة واحتكرته لمصالحها الضيقة ولمصلحة القوى الإقليمية والدولية التي عملت ومازالت تعمل لترسيخ التخلف وحاولت إقصاء قوى الحداثة من متن العملية السياسية إلى هامشها.. لقد رفعت شعار “بناء الدولة المدنية” وصرخت حتى التهبت حلوقها مدعية أنها حامل رئيسي لهذه الدولة الغائبة عن الواقع وكانت مفاجأة المشهد السياسي المعاصر الذي نال قسطاً وافراً من التشويه والتضليل، وليس هذا فحسب وبدعم من شبكات المخابرات الدولية والمال السياسي القذر والعابر للحدود والقارات انقلب الثائر والثورة في زمن حركة التحرر من الاحتلال الأجنبي إلى رجعي وثورة مضادة ،والمهزلة شملت ليبيا واليمن وسوريا.. وفي سوريا بلغت صفافة القوى الحاملة للفكر السياسي الظلامي العامل تحت علم مخابرات الإمبريالية المتعولمة مبلغاً بائساً وهي تصف أعمالها الإرهابية بالثورة مقرونة برايات سوداء داكنة وتصف منتسبيها بالثوار وحاملي مشروع الدولة المدنية. ولا مندوحة إذا قلتُ واثقاً بأن الذين انتهزوا الفرصة ورفعوا شعار “الدولة المدنية” الذي لا يمت بصلة إلى الأيديولوجية التي يتمسحون بها ويطوعونها قسراً لمصالحهم وتعبير عن خواء ذهني من ثقافة البرجوازية حاملة مشروع الدولة والعلاقات المدنية، وهذه الضحالة الدعوية تنحدر من الريف الزراعي واسع الانتشار ومن القوى العشائرية والقبلية التي مازالت تمتهن الأعمال القتالية وتمارس الثأر “القتل الانتقامي” والسلب والنهب وقطع الطرقات وهلم جرا من الغزو والسطو وتخريب البنى التحتية من طرقات وشبكات كهرباء ومياه وغيرها من ملامح القرى الكبيرة التي تسمى خطأً بالمدينة كتعز والحديدة وصنعاء وغيرها من الحواضر..