الرجال الأوفياء والنبلاء الذين تتم الإشارة إليهم في كثير من المواضيع؛ هم الذين يضحّون بالغالي والنفيس من أجل سلامة اليمن وحقن دماء أبنائها، وهم الذين يغلّبون المصالح العامة للدولة على المصالح الخاصة، وهم الذين يتركون بصمات لا يمكن أن ينكرها أحد في مجال التنمية ووحدة اليمن الواحد والموحّد والقادر والمقتدر، وهم الذين يمتلكون رؤية استراتيجية لبناء الدولة، وهم الذين يبنون ولا يهدمون، وهم الذين يسمون فوق الجروح ولا يعقّون الوطن ويرجون له العزّة والشموخ. نعم النبلاء الأوفياء كثر في البلاد؛ ولكل واحد منهم بصمة خالدة في حقن دماء أبناء اليمن، ونظرتهم فيما يتعلّق ببناء الدولة اليمنية والأمن القومي العربي يتعدّى الحدود السياسية الضيقة؛ لأن عزّة النفس وقوة الإرادة لا تقبل الإذلال والركوع وهم يرون عزّة وشموخ الوطن العربي في وحدته وأخذ مكانته في خارطة العلاقات الدولية بما يجعله مشاركاً بفاعلية في صناعة القرار العالمي. لقد كثرت الأسئلة عن هذا الاتجاه؛ ولذلك أقول لمن يتغابى عن القصد المبين: لا يمكن أن تُحجب عين الشمس بمنخل كما يُقال، لأن من يتوق إلى الشرف العالي لابد أن يمتلك بُعداً استراتيجياً، أما من قبل على نفسه أن يكون حجراً مسيّراً من الغير وسلّم عقله لغيره وتنازل عن إرادته الحرّة؛ فإننا لا نقصده إلا بالانكسار والعار فقط، ولذلك عندما نتحدّث عن القوى الجديدة التي تسلّقت على أكتاف الشباب في الأزمة الكارثية؛ فإننا ندرك ويدرك الشعب أن تلك القوى لا تمتلك رؤية غير التدمير وإنهاك الشعب وتحطيم معنوياته وقد أتيحت لها الفرصة، ورغم ذلك فإنها برهنت على عجزها وإفلاسها، ولكي تتخلّص من ذلك فإن عليها أن تكفّ عن الغرور وتعترف بالخطأ وتعلن الاعتذار للشعب وتفتح صفحة جديدة لمد جسور الثقة بعيداً عن المكر والخداع والتدليس. إن الساحة الوطنية باتت اليوم تدرك أهمية الاصطفاف الوطني في سبيل إعادة بناء الدولة، ومادمنا في الثُلث الأخير من الشهر الكريم؛ فإن على القوى السياسية التي تريد أن ترتقي إلى مرتبة الأوفياء النبلاء أن تغتنم فرصة الشهر الكريم لتعلن عن تخلُّصها من المكر والخداع وعودتها إلى إخلاص النيّة في العمل من أجل إعادة بناء اليمن وتجاوز التحدّيات ورسم ملامح المستقبل الأكثر تطوّراً بإذن الله.