لا يختلف اثنان على أن الهم الوطني صار في أولويات الهموم اليومية لحياة الفرد والجماعة، ولا يمكن لعاقل وحتى لجاهل أن يتجاوز ذلك إما هروباً أو مغالطات، فالأمن مثلاً مرتبط باستقرار الناس وحياتهم والشلل الذي أصاب معظم أجهزة الدولة مدنية وأمنية وعسكرية، أيضاً أنعكس على واقع الناس وحياتهم وبالذات من ترتبط مصالحهم بتلك الأجهزة السياحية التي كانت تمثل أهم وأحد الروافد الرئيسية لاقتصاد اليمن أصيب بما يشبه الشلل التام حتى السياحة الداخلية فقدت مقوماتها.. إلى جانب ذلك استمرار أزمة المشتقات النفطية والانقطاعات الكهربائية، وتصاعد وتيرة الاغتيالات لقيادات أمنية وعسكرية.. ناهيك عن الارتفاع الجنوني للأسعار بشكل عام، كل هذه الهموم باتت تشكل هماً وطنياً، الأمر الذي يستوجب من كل اليمنيين أن يلتقوا لا أن يتباعدوا، يتحدوا لا أن يتفرقوا، أن يترحموا لا أن يتكرهوا أو يتباغضوا، أن ييسروا ولا ينفروا خاصة ونحن نعيش العشر الأواخر من شهر الصوم المبارك. المطلوب اليوم كمدخل لمعالجة هموم الوطن هو في نشر ثقافة الألفة والمحبة والإخاء والسلام، المطلوب اليوم تفعيل دور العبادة والمنابر الحرة والإعلامية رسمية وأهلية وحزبية للتنوير، والدعوة إلى تغليب المصلحة العامة للوطن وتجاوز المصالح الذاتية الأنانية والضيقة. المطلوب اليوم أن يتداعى أصحاب الرأي والفكر والموعظة الصائبة من كافة النخب والشرائح الوطنية إلى النأي بقضايا وهموم الوطن عن المماحكات والصراعات الحزبية، باعتبار تلك الهموم ثوابت وطنية والانتقاص منها يعتبر تجاوزاً للخطوط الحمراء. دعوتنا لوقف التناحر والخروج من الواقع المر والأليم دعوة لعودة العقل إلى جادة الصواب، فالواقع الذي نعيشه كلنا خاسرين منه، والأخذ بأسبابه ثم تدارس معالجاته وصولاً إلى الحلول الناجعة لها مسئولية لن يفلت منها أو يتهرب منها أحد، هذا إذا كنا نؤمن بولائنا لليمن، دعوتنا لتضمد الجراح والسمو في تعاملنا مع واجباتنا الوطنية لم تعد محصوراً في رجل إعلام أو غيره ولا بدعية ينشر المواعظ من على المنابر سواء في خطب الجمعة أو المحاضرات، وما أكثرها خلال شهر رمضان.. ولا بمرجعيات ذات تأثير على شرائح كثيرة من شرائح المجتمع، وحتى التربويون وقادات منظمات المجتمع المدني والرعاة كل فيما هو مسئول عن رعايته.. والعلماء والقضاة وغيرهم، الكل مطلوب منه الإسهام في تبصير الناس بالمعالجات والحلول للخروج من واقعنا الراهن المليء بالآلام والأوجاع. الجميع ممن عنيناهم في طرحنا هذا يجب أن يدرك أن الحروب لن تقود إلا إلى الخراب والدمار، وأن الحروب تزرع الحقد وتنشر الثارات وتؤسس لعداوات وجراحات إن اندملت أضرت. الجميع مدعو اليوم قبل الغد للمساهمة في لم شمل المجتمع وفي معالجة تداعيات السنوات العجاف التي أثقلت كاهل الكل بالمزيد من الآلام والأوجاع. إن طرحنا اليوم وإن كان البعض يرى فيه العمومية، فإن واقعنا بحاجة إلى التناول العام والدعوة إلى الإخاء والتصالح والتسامح.. فجراحات الوطن الغائرة بأمس الحاجة لوصفات طبية فاعلة، كون استشراء الداء سيصبح سرطاناً لا ينجو منه عضو في جسد المصاب به. وختاماً أجدد الدعوة لكل من له أثر أو تأثير على مسار واقعنا المر أن يتق الله في نفسه، وفي وطنه، وأن يؤدي الأمانة التي يتحملها تجاه أمته ووطنه.. وأدعو الجميع للتفاعل والتعامل بمسئولية صادقة مع دعوتي ولي أمر الأمة في هذا الإطار، كون الخروج عن ذلك إخلالاً بالأمانة والمسئولية التي يجب أن يضطلع بها ويؤديها كل صاحب عقل وضمير وولاء لليمن.