مجرد مخطوطة قديمة مستقرة منذ زمن بعيد بهدوء في إحدى أركان دار المخطوطات بصنعاء والمسمّى المكتبة الغربية. تواجه هذه المخطوطة، وهي تنتمي لصنف العلوم التطبيقية أنواعاً شتى من البلايا. فصفحاتها تتعرض للهجمات المستمرة من قبل «الأرضة» وخاصة «ذات الرأس الأحمر» ما يهدد بضياع محتوياتها التي لو طبّقت الأفكار العلمية التي وردت في صفحاتها لنهضت بالبلد في ظرف سنوات!. القائمون على الدار يكافحون هذه «الأرضة» التي تنهش في صفحاتها بإمكانيات متواضعة للغاية ولا تكاد ترقى.. لكنّها في الخلاصة مجرد محاولات «برمولية» لإنقاذ مريض مصاب بحمى شديدة!. هذه المخطوطة التي يزيد عمرها عن السبع مائة عام، واحتوت على علوم نظرية وتطبيقية حول الطرائق العلمية المناسبة لاستخدامات إنسان ذلك العصر وهدفت إلى الارتقاء بحياته، كتبت بخط جميل وزخارف رائعة.. لم يستفد منها إنسان ذلك العصر ولم يستفد منها إنسان عصرنا هذا.. ولا يبدو أن الأفق يشير إلى أن يتم الاستفادة منها مستقبلاً، تتعرض هذه المخطوطة إِلَى جانب تخريبها وتدميرها البطيء من قبل «الأرضة» وجراثيم الكتب إِلَى تخريب خارجي.. وعلى جبهتين: الأولى جبهة المناخ..فالمناخ غير الصحي الذي ترزح المخطوطة تحت نيرة يهددها بالتلف.. الدار تعرف ذلك جيداًِ، لكنّها وبأدواتها البدائية المتواضعة وإمكانياتها المحدودة تقف عاجزة أمام الحد من تلك التغيرات المناخية القاسية.. الجبهة الثانية.. وتتمثل في الأطماع الدولية.. فالكثير من الأجانب وخاصة الأوروبيين يسعون للحصول عليها بأي ثمن حتى أن أحدهم لم يعد يحلم بسواها.. هناك مساعدات إسعافية عاجلة وأخرى مدروسة تصل من الخارج بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه المخطوطات، لكنّ للأولويات مكانة عظمى.. فالدار تحتوي - بحسب تصريح صديقي عادل الحميري نائب أمين عام الدار - «على 15 ألف مخطوطة» وصول المساعدات إِلَى هذه المخطوطة المركونة أمر مستبعد على الأقل حالياً. **** الجزء الثاني من هذه المخطوطة القيّمة لدى شخص لا يجيد القراءة والكتابة ومستعد لخوض حرب كونية على أن يسلّمها للدار كمبادرة منه.. يريد ملايين الملايين.. **** آه ..هل كنت أكتب عن مجرد مخطوطة موضوعة في ركن من أركان دار المخطوطات تحتوي على علوم تطبيقية بإمكانها النهوض بالبلد في ظرف سنوات.. أم كنت أكتب عن وطن؟. [email protected]