يدرك سفراء الدول العشر (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والسعودية وعمان والكويت ورئيس بعثة مجلس التعاون الخليجي وسفير الاتحاد الأوروبي) خطورة ما يقدم عليه الحوثيون بإيعاز إيران، لتحسين شروط تفاوضها مع الغرب، لذا جاءت لهجة رسالة السفراء إلى زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي في 19 أغسطس الماضي صارمة وحازمة، وابلغته أن خطابه الأخير “مهين ومناهض للحكومة المشكلة شرعياً” وأن أي “تحريض أو عنف سيواجه بإدانة المجتمع الدولي، وعليهم سرعة الانسحاب من محافظة عمران التي سيطروا عليها في يوليو الماضي، وإعادة كامل الأسلحة المنهوبة من اللواء 310 إلى الدولة”.. هذه الرسالة القوية لم يجد الحوثي رداً عليها غير جمل إنشائية رفض فيها التدخل الأجنبي، واتهام سفيرة بريطانيا أنها وراء التحريض ضد جماعته. ولأن الحوثية “أنصار الله” حركة ناشئة، وغالباً ما تمارس ما يملى عليها إيرانياً وبرعاية أمريكية فقد خرجت عن رغبة أمريكا –لأول مرة- واستمرت تصاعد في استفزازاتها، وتنشر مسلحيها في مداخل وبعض شوارع العاصمة، وتستجدي موافقة خليجية، بالسماح لها بضرب حركة الإخوان المسلمين وتصفية بعض قياداتها في العاصمة، لأيام قليلة ثم تنسحب، وهو طلب يجابهه سفراء الدول العشر من تحويل شوارع العاصمة إلى ساحات مفتوحة للقتال، ثم أنه يقضي على المستقبل السياسي للحركة الحوثية ويحولها إلى مافيا مسلحة، وبنادق للإيجار. ومع كل تصعيد حوثي تصاعد الرد الدولي، حتى وصل إلى بيان أممي أعدت مسودته خارجية بريطانيا، وصوت عليه مجلس الأمن بالإجماع، وتم التشديد فيه على النقاط الثلاث التي ذكرت في رسالة الرئيس هادي للحوثي وهي: 1 - تفكيك المخيمات المسلحة من مداخل وضواحي وشوارع العاصمة. 2 - الخروج الفوري من عمران وتسليمها للسلطة الحكومية. 3 - توقيف إشعال الحروب في محافظة الجوف المتاخمة للحدود الجنوبية السعودية. أما بقية البيان فقد قذف كرة المسئولية في مرمى الحكومة.حيث تم إعادة اللجنة الوطنية إلى صعدة للتفاوض مع الحوثيين، ممهلاً اللجنة والحوثيين أربعة أيام للخروج بحل توافقي، ولاحقاً وجه الرئيس بأن يُضاف إلى لجنة العشرة محافظ البنك المركزي ووزيري التخطيط والمالية، لوضع الحوثيين في صورة الحالة الاقتصادية والمادية لليمن، مع أن اللجنة ابلغت هادي في تقريرها السابق أن زيارتها لصعدة ومحاورتها للحوثي ثلاثة أيام كانت سراباً، وأن قوبلت بالرفض والتعنت والإصرار والمجادلة الطويلة، ما يعني “أنها تبيت للحرب” بحسب تعبير الناطق الرسمي للجنة، أما رئيس لجنة الوساطة فقد كشف عن موافقة حوثية بالتراجع عن أسعار المشتقات النفطية وظهر الأحد أعلن مستشار الرئيس فارس السقاف عن توقف المفاوضات مع الحوثيين بعد أن أوقفوا حركة السير في عدد من شوارع العاصمة لساعات قليلة ومساء ذات اليوم بعث الرئيس هادي العميد عبدالقادر هلال أمين العاصمة إلى صعدة للتفاوض مع الحوثي كفرصة أخيرة لتجنب الاصطدامات المسلحة مع الحوثيين. وتمسكاً من الرئيس ب«سيف السلم» أعلن عن مبادرة تتضمن بنودها جميع مطالب الحوثيين، تبدأ من تشكيل حكومة كفاءات وطنية وتخفيض 500 ريال في سعر صفيحة البنزين والديزل، والتعجيل بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني... وحتى كتابة المقال لم ترشح أي أنباء عن قبول أو رفص الحوثة للمبادرة الرئاسية حقناً للدماء.. وسيستمرون في التصعيد كلما تراجعت الدولة واستجابت لمطالبهم. [email protected]