أنهكتنا ثورات الاعتصامات والمناداة بالعدل والقتل، قَتلنا التغيير وتسليم حياة الناس من زعامات فساد إلى زعامات احتيال وحصص في الإدارات والوزارات. واليوم تخيفنا ثورة الجرعة التي تختفي من وراءها عودة للظلام والظلمات. أصبحنا بحاجة إلى ثورة جديدة، ثورة من نوع مختلف، ثورة إنسانية، آدمية لا تذهب فيها دماء شبابنا مقابل أن يتسلّق هذا الحزب أو ذاك الزعيم على جثثهم، ثورة سلمية تتخذ من كل مدرسة وكل مستشفى وكل شارع ساحة حراك وعمل مدني سلمي يؤكد فيه الناس على وجودهم ليس كمتسوّلين من الحكومة بل كمواطنين مشاركين في المجتمع. نحتاج ثورة المواطن الدكتور ياسين القباطي التي يقودها في تعز للقضاء على مظاهر الفساد والفشل الخدمي في إدارات المدينة ومرافقها. ثورة المواطن الدكتور القباطي هي ثورة مواطن تقول للحكومة، “أنا أستحق أكثر، ولن أرضى بهذا الوضع، وأنا إذ أحملكم المسؤولية أعلن أني سأكون شريكاً في إصلاحه”. فكرة ثورة الدكتور ياسين ليست مغرية وإلى الآن لم تجد المئات فليس فيها من يوزّع الأوراق النقدية من الدولارات والريالات، ليس في شوارعها رائحة للدجاج وأكياس القات، فهي ثورة المواطن البسيط الذي ينهض ألماً لما يعايشه من أوضاع، يتألم من منظر القمامة في نهاية الشارع، ومن رداءة غرفة الإسعاف في المستشفى، ومن قذارة الفصل المدرسي الذي يدرس فيه ابنه أو بنته. هذه ليست ثورة الانتهازيين ولا المتسلّقين ولا الأحزاب التي تتخذ من قضايا المجتمع أدوات لصراعاتها الحزبية وتصفية حساباتها الشخصية. ثورة الدكتور ياسين بحاجة إلى من ينضم إليها، لجعل مدينة تعز، بل والمحافظة كاملة نموذجاً للإصلاح والتغيير الحقيقي الذي يتمناه الناس.. هذه الثورة تبحث عن رجال ونساء مستعدين لتناول “شربة” الوطنية للتخلص من “دود الحزبية” التي تنخر في أجسامهم وأرواحهم. هذه الثورة ليست بحاجة إلى مؤتمريين أو إصلاحيين أو حوثيين أو اشتراكيين أو ناصريين أو بعثيين بمصالحهم الحزبية ودسائسهم واستراتيجيات الهدم التي يستخدمونها لمحاربة الآخرين ولتحقيق انتصارات حزبية رخيصة. هذه الثورة تحتاج إلى أولياء الأمور الذين لا يرضون بأوضاع المدارس فيتظاهرون لأجل حق أبنائهم لكراسٍ للجلوس والدراسة في فصول نظيفة والحصول على كتبهم الدراسية كاملة في بداية العام، والتعليم على أيدي مدرسين أكفاء، وهي أيضاً تحتاج إلى نفس الآباء والأمهات مشاركين في إصلاح المدرسة بجهودهم ومواردهم المختلفة. هذه الثورة تحتاج إلى ثوار مدنيين ليتظاهروا وينادوا بإصلاحات في المستشفيات، وتتطلب مشاركة المجتمع نفسه في المساعدة في تنظيف المستشفيات وإعادة تأهيلها، ومساءلة المسؤولين ومطالبتهم بأداء دورهم، وملاحقتهم أمام الجهات المختصة. لجان العمل الشعبية في تعز لسنا بحاجة إلى لجان شعبية للقتال، تعز ومجتمعها بحاجه إلى لجان شعبية للمشاركة المجتمعية، لجان شعبية لإصلاح المدارس والتطوع فيها لتعليم أبنائنا وبناتنا والاهتمام بهم، لجان شعبية لمتابعة نظافة الشوارع، ليست هناك حكومة على وجه هذه الأرض قادرة على نظافة شوارع أية مدينة ما لم يشارك أهلها في نظافتها، نحتاج أن ينظف كل شخص أمام بيته، ومتجره على الأقل، وأن لا ينتظروا عامل النظافة لكي يقوم بتنظيف أمام منازلهم ومتاجرهم. نحتاج لجاناً شعبية لمتابعة قضية المياه، نحتاج لجاناً شعبية لحماية كل الآثار، نحتاج لجاناً شعبية لتطالب بنظافة أقسام الشرطة، والإدارات الحكومية، نحتاج لجاناً شعبية لتؤكد أن المواطن لن يرضى بالحياة بين القاذورات، ولن يرضى أن يدرس ابنه أو ابنته بين الأوراق والنفايات، على أيدي الأفضل من المدرسين والمدرسات من أصحاب المؤهلات، نحتاج لجان عمل شعبية، لا لجان ثورة وسلطة وتسلط.. أما المسؤول فليكن إصلاحياً أو حوثياً أو مؤتمرياً أو اشتراكياً أو بأي لون حزبي آخر، رجلاً كان أو امرأة ما دمنا نستطيع في نهاية المطاف أن نسائله ونحمّله مسؤولية عمله في وقت نحن كمجتمع مستعدين للمشاركة في عمل الإصلاحات اللازمة في حدود قدراتنا. ولتكن للناس لجان شعبية لمراقبة الانتخابات والدعوة إليها ولجان لمتابعة الفاسدين والمرتشين والمخالفين لصلاحياتهم الإدارية بوسائل الضغط القانونية المدنية. وقبل أن ننتهي من تكوين اللجان المختلفة دعونا نتذكّر إننا بحاجة إلى لجان شعبية لكشف كذب الإعلام وتزييف الإعلاميين ومساءلتهم ومطالبتهم بالمهنية التي يحتاجها مجتمعنا وباحترام أكبر لعقول الناس في المجتمع ولحاجة المجتمع لدور إعلامي صادق، وفاعل. ثورة الدكتور القباطي تحتاج لكم، النظيفين والنظيفات، الوطنيين الحقيقيين الذين لا يُراهنون على الوظائف والمكتسبات، للحالمين بتعز أفضل، وبمجتمع أرقى ليكون لبنة ونموذجاً ليمن أجمل. ثورة تحتاج إلى مجتمع عمل، لا مجتمع شعارات، مجتمع مشاركة واقعية يعمل كل فرد فيه لمجتمع وحياة أفضل.