يبدو أن بعض القوى السياسية التي عشقت المغامرة والمؤامرة لا تدرك عواقب الأمور، والسبب هو عدم القدرة على الفهم العام، والشعور بالعظمة، ولذلك تجدها حتى في حوارها تتعالى وتحتقر ظناً منها أن ذلك سيخلق لها قيمة في أوساط الشعب، ولم تدرك أنها بتلك الأفعال المسيئة لأعراف وتقاليد اليمن وأهلها إنما تتعالى على نفسها وتحتقر ذاتها، فلو أن أحداً من قيادات تلك القوى الأكثر تعقلاً نزل إلى مستوى الشعب وخالط الحياة العامة واستمع إلى تعليقات المواطن البسيط على تلك التصرفات الرعناء والصبيانية، لأدرك تمام الإدراك أن القوى السياسية التي ينتمي إليها تسير في طريق الهاوية وتحمل بذور الفناء وأن الشعب أعظم من أن يقبل بتلك التصرفات المعبّرة عن الهوى الشيطاني الذي لا يقبله عاقل. لقد حذّرنا من قبل من التصرفات الصبيانية وخاطبنا العقلاء في القوى السياسية التي عشقت السلطة وقلنا إن قبول عقلاء تلك القوى بتسليم أمورها إلى عديم الخبرة والذين لم يعاركوا الحياة وتعاركهم ولم يسبروا أغوار الحياة السياسية واحدة من أعظم المخاطر على مستقبل البلاد والعباد وبداية النهاية لتلك القوى ورغم ذلك لم نجد أذناً صاغية من عقلاء تلك القوى، بل نزلوا إلى أدنى مستويات التفكير الجاهلي وغطوا في سبات عميق حتى وقع الفأس في الرأس ولم يستيقظوا إلا على وقع الواقعة، فندموا حين لا ينفع الندم. إن ما نشاهده من بعض القوى السياسية الصاعدة الجديدة التي كانت حليفة لقوى الدمار الشامل لا يختلف عن ذلك المسار المحزن، فقد علا صوت الكبر والغطرسة واختفى صوت العقل والحكمة، فهجروا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبيوت الله واحتكموا إلى الشارع وجعلوا من الشارع العام مأواهم واستقووا بالشيطان الرجيم ولم يأخذ العقلاء منهم العظة والعبرة من غيرهم، بل سلكوا سبيلهم العدواني وجعلوا من سننهم العدوانية الفاجرة عنوانهم ورفعوا شعاراتهم ومازالوا في غيّهم يعمهون. إننا مازلنا نكرّر الدعوة لكل الذين ركبوا موجة الفوضى التدميرية ونقول إن العاقل فيكم من يقدّم الصالح العام على الصالح الخاص ونجدّد الدعوة لكم جميعاً إلى ترك الشوارع والاحتكام إلى الله وكتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم والمضي الصادق والأمين في طريق الحوار من أجل إنقاذ السفينة وإيصالها إلى برّ الأمان، لأن المسئولية أمانة والتفريط فيها خيانة وخزي وندامة، وإعادة بناء الدولة وإعمار اليمن مسئولية جماعية ينبغي على الكافة التوحّد والكف عن الأذى من أجل سلامة الجميع بإذن الله.