الأحداث الكبيرة تعلّم اليمنيين الصبر وتولّد فيهم الجلد وقوة التحمّل وتخلق فيهم القدرة على التكيّف مع الأحداث وتبعث فيهم حيوية الوطن وقوة الإيمان بقدسية التراب اليمني، وتنمّي فيهم روح الاستبسال والتضحية من أجل خير الإنسانية، وتشعرهم بواجبهم المقدس المتعلق بإعمار الأرض بما يحقق الإرادة الإلهية، ويعزّز روح الإنسانية ويزيل الحقد والكراهية، وكلما اشتدت الأحداث كلما زاد حب الوطن في قلوب الناس وتنامى حق الانتماء والإخاء والوفاء وعدم الغدر. إن الأحداث الكارثية التي مرت بها اليمن لم تزد اليمنيين غير المزيد من الصبر وقوة الاعتصام بحبل الله المتين، لأن أهل اليمن يدركون أن وطنهم اليمن لا يُقاس بثمن على الإطلاق، ومن أجل سلامته يتحملون الأذى ويصبرون على المكاره ويتجرّعون مرارة الألم لعلمهم بأن الله قادر على كل شيء وبيده الخير كله وأنه لن يخذل اليمن وأهلها. ولئن كانت الأحداث قد أحدثت الخراب والدمار في كل شيء في حياة إنسان اليمن إلا أنها لم تنل من قوة إيمانه بالله رب العالمين وشدة تمسكهم بوحدة الأرض والإنسان والدولة، لأنهم يدركون تمام الإدراك أن كل تلك الأحداث ترمي إلى النيل من قوة بأسهم وعظمة وحدتهم، ومن أجل ذلك يتحمّلون ويصبرون من أجل عزة اليمن ووحدة أبنائها وسلامة سيادتها المقدسة. ويكافحون من أجل تفويت المشاريع التقزيمية ويضحون بالغالي والنفيس من أجل أن يظل اليمن بارقة الأمل الكبرى باتجاه الانطلاق نحو الوحدة العربية الشاملة. إننا اليوم أمام وقائع مأساوية ومع شدة وطأتها على إنسان اليمن الحر إلا أنها زادته تفاؤلاً من أجل الغد الأكثر إشراقاً الذي ينبغي أن يسلكه اليمنيون كافة، بهدف إعادة بناء الدولة وتصحيح الاختلالات والعمل على تكريم المواطن اليمني الذي صمد طويلاً من أجل حماية كيان الدولة اليمنية ومنع الانقسام والتشطير، وهنا ينبغي التشديد على أهمية التجاوب بما يحقق الآمال العريضة للشعب والكف المطلق عن الأنانيات والمصالح الخاصة. إن الوطن اليوم في أمسّ الحاجة إلى تضميد جراحاته ومعالجة أوجاعه، ولذلك لا يجوز بأي حال من الأحوال التمادي والعنف والصلف ويكفي ما حدث من الكوارث، وينبغي أن يشعر كل يمني بأهمية إعادة بناء الدولة وإعمار اليمن وترميم البيت اليمني من الداخل والكف النهائي عن الإثارة أو التشفي لأن ذلك من مساوئ الأخلاق التي لا علاقة لليمن وأهلها بمثل تلك التصرفات والسُنن السيئة التي حاول البعض سنّها خلال الفترة الماضية، ينبغي أن يُشاع التصالح والتسامح وأن يسود التراحم والتآخي من أجل استمرار الحياة الكريمة في يمن واحد وموحد ودولة قادرة ومقتدرة بإذن الله.