الكثيرون الذين أصابهم التشاؤم في مقتل لم يقفوا بجدية أمام أحداث التاريخ السياسي لليمن ولم يقرأوا صور الصراع المختلفة التي شهدتها الساحة اليمنية ولم يكن لديهم علم أن الحالة السياسية في اليمن ذات أبعاد تاريخية ومناخات متقلّبة بأمزجة عناصر الصراع أياً كان شكله أو نوعه، ثم إنهم لم يدركوا أن تلك الصراعات قد علّمت اليمنيين الصبر والحكمة وعدم التسرّع في اتخاذ الإجراءات إلا بعد التعرّف الكامل على ردود الفعل التي سيترتب عليها أي إجراء علاجي، كما أن الكثيرين من المتابعين للأحداث السياسية لا يتمتعون بإجراء المقارنة اللازمة بين المتغير والثابت ليدركوا أن اليمن قوة أزلية تتفاعل فيها كل مقومات القوة من أجل الوصول إلى عزة اليمن وشموخها. لقد قلنا في دراساتنا وأبحاثنا ومؤلفاتنا: إن الأحداث المتلاحقة لم تزد اليمن إلا قوة وصلابة وتدفع الكافة لإيجاد المخارج العملية التي تحمي قدسية التراب اليمني وتحقن الدماء الطاهرة لأبناء اليمن الواحد وتنزع فتيل الحرب المذهبية وتطفئ نار المناطقية، لأن الحكمة اليمانية على مبدأ درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح وهو ما يجعل الإيمان بقدسية عقل الإنسان الذي خلقه الله تعالي وعدم تجميده وترك حرية التفكير والتأمل فيما يخلّص الأمة من الاختلاف ويقدّم درء المفاسد على جلب المصالح. إن التصوّرات الفكرية التي تقدّم الحلول الناجعة لقضايا الدولة والمجتمع من أولويات التفكير الاستراتيجي الذي تحتاجه الفترة الحالية وما يليها على اعتبار أن التفكير في قضايا المستقبل تشغل المساحة الأكبر من منطق الحكمة وقوة الإيمان ومن أجل تفعيل هذا الجانب ينبغي الترفّع عن الممارسات الغوغائية من خلال التنابز بالألقاب ومحاولة البعض إظهار التباهي على حساب الوحدة الوطنية، بمعنى أكثر تحديداً ينبغي الكف عن كل ما يمكن أن يثير العنصرية أو يحاول نشر الغرور أو تعميم الاستهانة بأية مكوّن من مكوّنات مجتمع الحياة الدينية والسياسية من أجل الوصول إلى يمنٍ تجمعه أواصر القربى وترمّم جدار وحدته روابط الدم بإذن الله