يبدو أن التنشئة الفكرية المغلوطة التي تربى عليها بعض الشباب لم تعد قادرة على التمييز بين الحق والباطل، ولم يعد الذين مورست معهم التعبئة الفكرية المغلوطة على علم بالصواب الخطأ اختلط لديهم الحابل بالنابل، ولم يقدروا الأمور؛ لأن تنشئتهم على أساس الغاية تبرر الوسيلة قد أعمى بصيرتهم قبل البصر، وعند أن يطالبهم الخيرون بضرورة العودة إلى الكتاب والسنة يرون في تلك الدعوة خروجاً على المألوف لديهم، وهنا تظهر خطورة التعبئة الفكرية المشحونة بالأفكار الخارجية عن إطار الالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة . لقد أثبتت الأحداث الراهنة خطورة الفكر المنحرف؛ لأن الذي تربى عليه لا يقبل الحوار، ولا يستمع إلى الغير ولا يفرق بين الحق والباطل، بسبب رسوخ فكرة في رأسه باتت هي الغاية المطلقة التي يستخدم في سبيل الوصول إليها المباح والمحرم والأشد تحريماً، ونتيجة لذلك نجده لا يقبل الحوار؛ لأن الحوار يعتمد على الحجج والإقناع الذي يبطل معتقداتهم الغوغائية ويعود بالمرء إلى جوهر الإسلام عقيدة وشريعة، وهؤلاء يقولون في ردودهم بأنهم قد تجاوزوا ذلك بفعل مالديهم من المخزون المعبأ في عقولهم منذ الصغر، وهو الشر المستطير الذي يؤدي إلى الفرقة والشتات، ولا يحقق الأمن والأمان. إن ما نشهده اليوم من صلف وعنت لدى البعض من القوى السياسية دليل على أنهم قد استخدموا أساليب فكرية بالغة الخطورة على أمن وسلامة المجتمع وعرضوا الوطن للخطر من خلال ذلك إلى الأسلوب القائم على التصلب في المواقف وعدم الإيمان بتقديم درء المفاسد على جلب المصالح، وبات همهم الوحيد الوصول إلى السلطة بأي ثمن، ولم يدرك الذين يسيرون في هذا الطريق أن هذا الأسلوب لم تعد تقبله الشعوب مطلقاً؛ لأن درجة الوعي المعرفي بالإسلام عقيدة وشريعة باتت على درجة عالية, خصوصاً في اليمن بلد الإيمان والحكمة. إن العودة إلى جادة الصواب هي الضمان الفعلي والعملي لتحقيق خير الأمة وسعادتها، ولذلك مازال الباب مفتوحاً أمام العقلاء والحكماء للتخلص من هذه الفتنة, خصوصاً بعد أن ظهرت الاستهدافات الواضحة لتمزيق اليمن والاعتداء على وحدته وأمنه واستقراره، ولا يجوز المضي في طريق الغواية الشيطانية؛ لأن اليمن أكبر من كيد الحاقدين, وأعظم من المصالح الخاصة, وأقوى من التآمر بإذن الله .