تتجلّى حقيقة التربية القائمة على الأفكار المنحرفة في حقائق الفعل المجرم الذي ينتج عن تلك التربية، ولعل واقع الحياة اليومية يقدم نماذج من ذلك السلوك القائم على التعبئة الفكرية المنحرفة التي جعلت البعض من الشباب غير قادر على التفكير السليم وشدّته إلى تنفيذ ما يملي عليه دون التأمل والتفكر في عواقب تلك الأفعال المحرمة في جوهر الإسلام، بل إن التعبئة الفكرية القائمة على انحراف الفكر التي يلجأ فيها أصحاب الأفكار الشاذة عن الإسلام عقيدة وشريعة إلى غرسها في أذهان النشء دون السماح لهم بالاطلاع على الأفكار والأقوال الأخرى، وتصر على عدم السماح لمن يقعون تحت سيطرتهم من النشء على عدم الإيمان حتى بالقرآن والسنة النبوية المطهرة إلا ما قالوه هم دون سواهم. إن مشهد الحياة السياسية التي اختلط فيها الحابل بالنابل والتقى فيها الماكر والحاقد والجاهل واستغل المؤدلجون هذا الخليط العجيب ليسوقوهم سوق القطيع دون هداية أو دراية يفعلون ما يأمرهم المنتفعون والفاسدون وتجار الحروب وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً وأنهم يناضلون ولم يدركوا أنهم يخربون البلاد ويؤذون العباد ويعبثون بنعمة الأمن والاستقرار ويعتدون على الحرمات ويقتلون النفس المحرمة ويعيثون في الأرض فساداً. إن الأزمة السياسية التي افتعلها اللقاء المشترك قد أتاحت الفرصة لكل عابث وكل حاقد وكل خائن وكل مارق أن يفعل بالوطن والمواطن ما يمليه عليه الشيطان الرجيم وما يستوحيه من الداخل والخارج وأثبتت الأزمة السياسية أن شياطين الإنس أشد خطراً من شياطين الجن, لأنهم قد برعوا في السفه والمكر والكذب والزور والبهتان والقتل والاعتداء والتنكيل والانحطاط الأخلاقي والانهيار القيمي, ولم يتركوا شاردة ولا واردة من الرذائل إلا وفعلوها. إن المجتمع المدني اليوم بحاجة إلى إعادة النظر في تلك السلوكيات المحزنة, والعمل على إزالة مخلفاتها, والعودة الجادة إلى جوهر الإسلام الذي فيه منافع الناس ومصالحهم وحياتهم، وأن يعتمد المجتمع المدني على أساليب تربوية جديدة تنطلق من الإسلام عقيدة وشريعة, وتجسّد مبدأ الولاء الوطني والقيم الإنسانية في نفوس النشء, وأن يكف الحاقدون على الدين والوطن على حقدهم, وأن يعودوا إلى جادة الصواب من أجل إعادة بناء اليمن وترميم القيم الروحية بإذن الله.