تزايد الأحداث وتراكم مخلفاتها ناتج عن عدم الشعور بأمانة المسؤولية وضعف الإيمان بقدسية الولاء لتراب الوطن واللهث خلف المنافع الخاصة جداً والوقوف عند الرغبات والأهواء الذاتية والتخلّي المطلق عن التفكير في خدمة الدين والوطن والإنسانية؛ الأمر الذي أفقد الأخلاق بريقها وقدّم للمجتمع بريق الانتهازية ولمعان النفعية وسيطرة الغوغائية؛ فاغترب الدين وغابت القيم، وتشرّدت المفاهيم الإنسانية واستأسد الشر وضاق حال الناس ولم يعد للصبر مجال. ومن أجل ذلك ينبغي على العقلاء والحكماء والنُخب السياسية والاجتماعية أن تعيد التفكير في مجريات الأحداث وحركة سيرها في القول والعمل بعيداً عن المنافع الخاصة، وأن تدرك أن التفكير النفعي يقضي على المجتمع الإنساني ويحول بينه وبين النهوض الحضاري. إن المشاهد الحيّة في الحياة السياسية الموجودة على ساحة الوطن لا تقدّم أكثر من الأنانية وقصر النظر والتحجُّر وانعدام البصر وضياع البصيرة وجور الغجر وانتفاء العقلانية وهوان الناس وضعف السلطان وشراسة الشيطان وعنفوان الحقد والكراهية، نعم إنها مشاهد مأساوية؛ الحكيم فيها معزول، والحريص على الولاء الوطني منبوذ، والصادق محارب، والصولة والجولة لعشّاق الشر وصنّاع الفتن. إن الحاجة إلى الهدوء والعقلانية والتبصُّر والتأمل في سياق الأحداث لم تعد ضرورة حياتية فحسب؛ بل فرض عين؛ على الكافة القيام به من أجل إنقاذ المجتمع من التفكّك والتمزُّق والعودة به إلى جادة الخير والسلام واستعادة مكارم الأخلاق والكف المطلق عن الأنانية والانتهازية لأنها باب الشيطان الذي تعهد بالغواية، ولم يعد أمام الكافة خلال هذه المرحلة غير التسامح والتصالح والتفكير في خير الناس كافة؛ لأن التفكير في المنافع الخاصة قضى على كل خير بما في ذلك المنافع الخاصة، ولذا ينبغي الاتجاه صوب التفكير الجمعي الذي يحقّق الخير للناس كافة ويمكّن المجتمع من النهوض التنموي بإذن الله.