ليس للمرء من دنياه إلا حيث وضع نفسه واستمرأ أو استفاق.. وتلك طبيعة البشر في الإقبال والإدبار وتلك حكايتهم في زيف وحقيقة ضمائرهم. إن ما يدعو الإنسان إلى المضيّ في طريق الحق الذي يعتقده هو شعوره بالظلم ومجانبة الصواب في الطريق المضاد، إذ يعتبره باطلًا لا يقوى على مداهنته والاستسلام لمنهجه. مثل هذه الحقيقة تجعل الناس ينقسمون على أمرٍ واحد ويحتشدون في مقام الدفع به أومقام صده مع يقينٍ كامل لكليهما بأنهما على صواب لا يحتمل الخطأ وتلك معضلة يشقى بها البشر وينعمون بحسب حظوظهم ومآلاتهم.. وصدق ظنونهم أو خيبتها. والنفس البشرية جُبلت على العناد في أغلبها وتحتاج إلى الكثير من الترويض كي تمتثل للحق وتنجو من الباطل.. وفي ذلك برهان صدقٍ وعجزٍ عن وعدٍ باهت. والأسلم لكلا الطرفين ألا يتطرّفا في قولٍ أو فعلٍ مالم يُدركا بعقولهم الصواب لا بقلوبهم وعاطفتهم التي إن لم يهذّبوا مساراتها فإنها ستودِي بهم حيث لا يستطيعون العودة. [email protected]