هكذا خاطب مراسل «الجزيرة» مذيعة القناة قبل نحو الثلاثة أسابيع, غير أنه يومها بدا لي متفائلاً، فالوضع وكما كشفت عنه تالي الأيام لم يكن ملخّصه ساعات كما ظننا - خديجة - وظنّ جميع من ترك الدولة تترنّح حتى هوت سحيقاً حيث لا نعرف أين استقرت وفي أية هاوية..!!. فالمستجدّات بعد تلك الساعات التي كنّا متفائلين فيها تثبت أن الأمور لن تكون ساعات, وهاهي قد تمادت لتصبح أياماً وأسابيع ولربما سلوك حياة وروتيناً يومياً مستمراً, وينبغي علينا التأقلم معه؛ لأن الدولة مازالت تهوي حتى اللحظة. مازلنا خديجة وكالعادة نوقع الاتفاق وننقض السابق قبل أن يجفّ حبر التوقيع, لتبقى كل حواراتنا, واتفاقاتنا مجرد حبر على ورق, خصوصاً في كل ما يتعلّق بنا كمواطنين وبالوطن, ونذيّل دوماً ذاك الالتفاف والفشل بجملة «الحكمة اليمنية»..!!. بالمناسبة - خديجة - لا تصدّقي شيئاً يلي تلك الجملة, وسأقولها لكِ من واقع معاش؛ أنا لم أر تلك الحكمة قط منذ أن وعيت, كما لم أجد وطني سعيداً, كما قرأت عنه في كتب, صدّقيني كل شيء هنا متناقض تماماً مع كل ما سمعناه عن سعادة هذا البلد وما نعيشه نحن فيه. حقيقة نحن هنا لا نجد الحكمة كما نجد الجثث, ولا نجد هذا البلد سعيداً مطلقاً حين نجد الجوع واضحاً في ملامح الصغار الذين ينزعون من عوالم الطفولة مبكّراً إما إلى العمل أو الموت وتحت رايات مختلفة, ربما بذنب أن آباءهم قرّروا أن يكونوا حكماء..!!. نعم هي الحكمة خديجة التي جعلتنا نخوض حتى اللحظة حروباً عدّة؛ ستة منها في صعدة وأخرى في تسعينيات القرن الماضي، وآخرها حرب غير معلنة نعيشها كل مساء أبطالها أبطال الحكمة التي تجلّت يوم آخر توقيع السلم. باختصار.. نحن نموت كلما تجلّت الحكمة اليمنية خديجة لا نعرف كيف, لكننا نموت وهذا ما نعرفه كل صباح من الجرائد, ومن جيران الاشتباكات في حديثهم على وسائل المواصلات. بالمناسبة مؤخّراً لم نعد نتحدّث عن ذلك الموت الذي ننصت إليه كل مساء في وسائل المواصلات, الكل يلتزم الصمت, فالشوارع اليوم حديثها الرصاص والبارود. أخيراً وإلى أن تسألي عنّا ثانية مراسلكم؛ أردت أن تعرفي أن مشكلتنا تتلخّص في «الحكمة» خديجة..!!.