هل تدرك الأصوات التي ترفع شعار «تقرير المصير» أن غياب الاستراتيجية في هذه المرحلة أمر يجافي الأخلاقيات والمبادئ الوطنية، وأن اللعب على ورقة «الانفصال» كتهديد لن يكون مربحاً حتى للمكوّنات السياسية التي تحتويه..؟!. الإطار الدستوري هذا في المرحلة التي تمرُّ بها البلاد يتنافي مع مضمون العدالة التي يبحث عنها الشعب بأكمله؛ ليس فقط المواطن الجنوبي الذي هو الآخر أصبحت تحرّكه رياح العواطف المتلاعبة بتقليب صفحات الماضي الذي كتبت سلبياته أيادٍ عابثة أرادت الوصول إلى هذه النتائج، فالمشهد الجنوبي يحتاج إلى استراتيجية وطنية تحترم أوضاع البلاد وتضع خارطة الزمن في عين المسؤولية. لستُ ضد «الحراك الجنوبي» ولكني أحاول أن أتوسّط المرحلة لأقول إن العدالة ليست في التمسُّك بحق دستوري في الوقت الذي تحتاج البلاد إلى عدالة النفوس المنصفة، فالنصوص الدستورية في هذا الوقت بالذات ليست العدالة المنشودة، و«الحراك الجنوبي» يدرك هذه الحقيقة جيّداً ويستوعب تماماً أن القضية الجنوبية أسمى وأرفع من أن تُستخدم كوسيلة ضغط يجني نتائجها المتاجرون باستقرار وأمن الوطن. بقايا حبر: الحقوق تضيع إذا ترك أصحابها المجال لغير قناعاتهم تنادي وتطالب بها.