القوى السياسية التي لا ترى الوطن إلا في مصالحها الذاتية والأنانية لا يحق لها أن تتحدث باسم الوطن مطلقاً، لأن الشعب لا يقبل بالقوى النفعية القائمة على المصلحة الذاتية ولا يقبل إلا بالقوى التي تجعل مصالح الوطن العليا مُقدَّمة على ما عداها من المصالح، وتجعل من قدسية السيادة الوطنية الهمّ الأعظم في حياتها السياسية، ومتى ما كانت القوى السياسية عند هذا المستوى من الحس الوطني فإنها بدون أدنى شك ستعمل على تحقيق الإرادة الكلية وتسعى للاختيار الحر المباشر من خلال صناديق الاقتراع عبر الانتخابات العامة، الأمر سيجعل الشعب يمنحها الثقة لأنه أدرك قوة الفعل الوطني المعزّز للوحدة الوطنية. إن العمل الوطني الذي يجسّد الإرادة الكلية للشعب بات اليوم عنوان النبلاء والعظماء من أبناء البلاد وعلى الذين مازالت تسيطر عليهم النفعية والانتهازية ومحاولات إرضاء أعداء اليمن أن يدركوا بأنهم لا يمثّلون إلا أنفسهم ومصالحهم الشخصية وأن انتماءهم للوطن يحتاج إلى إعادة النظر في أقوالهم وأفعالهم التي عرّضت الوطن اليمني الواحد للخطر الخارجي وما زالت تهدّد الوحدة الوطنية وتعرّض السيادة الوطنية للخطر الخارجي. إن أية قوى سياسية تتطاول على السيادة الوطنية فإنها تسجل رفضاً قاطعاً ستظهر آثاره الفعلية في إصرار الشعب على التحرّر من التبعية للغير وفي حجب الثقة عن كل من يتطاول على قدسية الوحدة الوطنية أو يحاول النيل منها وسيعمل الشعب على دعم قوى التوحد والسلام وقوى الإيثار للمصالح العليا للوطن اليمني الواحد والموحّد. لقد عُرف اليمنيون في الفكر السياسي أنهم أصحاب نباهة وفطنة ولديهم من الذكاء ما يجعلهم يتنبأون بمآلات القوى التي أصابها الانحراف الماحق في منهج التفكير وسيطر عليها الفكر النفعي القائم على الغاية تبرر الوسيلة، ومن أجل ذلك على القوى المتصارعة على السلطة أن تحترم العقل اليمني وأن تكف عن المزايدة والإيغال في ممارسة الأذى الذي سام الناس سوء العذاب، وأن تجعل من اتفاق السلم والشراكة فرصتها لاستعادة ثقة الشعب في عناصرها وليدرك الجميع إنه كلما زادت المماحكة كلّما قلّت الثقة الشعبية الأمر الذي ينبغي معه الاتجاه بقوة الإرادة وصفاء النية نحو الاصطفاف الوطني الذي لا يستثني أحداً من أجل بناء المستقبل المشرق بإذن الله.