حين يتكاثر الفساد بسرعة ضوئية، وتنهار القيم كبيوت طينية في مجرى السيل؛ تلوذ المجتمعات بمؤسّسات الدولة لتحميها من الانهيار الكلّي، وإن كانت مؤسّسات دولة هشّة كالتي لدينا، هنا يأتي دور النُخب الفاعلة لإنقاذ البلاد قبل أن تسقط في الهاوية، وإن كانت نُخب عقيمة كنُخبنا، فلنبتهل إلى الله ليرسل يده الحانية لإنقاذنا. النُخبة السياسية في اليمن تتعرّى كل يوم وتزايد على بعضها، وبلغت ذروة التجلي في الفضائح خلال أداء حكومة الوفاق وجلسات مؤتمر الحوار، وتحوّلت من صمام أمان إلى فتيل في عبوة ناسفة؛ لا تأبه في وجه من ستنفجر ومن سيكون الضحايا، تسابقت تلك النُخب في المزايدة، واستجلبت بمماحكاتها الرخيصة الفوضى والقتل والتدمير حتى سقطت العاصمة. كانت نُخبنا تعوّل على حلول المبعوث الأممي حتى في قضاياها الخلافية الصغيرة، وتظهره على أنه “الغريب المخلّص” صاحب القدرات الكلية، حتى أدرك المجتمع أن نُخباً هزيلة تختلف على عدد المقاعد في مؤتمر الحوار لا يمكن لها أن تبني دولة من تركة كالرماد. ربما كان الرئيس السابق أفضل من تعامل مع هذه النُخب، كان لا يفعل شيئاً أكثر من إعطائها ما تستحق، كان يهين قادة الحزب ثلاث سنوات، وفي السنة الرابعة يعطيهم 25 مليوناً يعقدون بها مؤتمرهم العام، كان يهين المعارض السياسي وفي آخر المقيل يصرف له سيارة، كان صالح يدرك جيداً أنهم جماعة منتفعين لا نافعين..!!. النُخبة الثقافية والأكاديمية أحياناً نسمع لها آراء لا تكاد تخرج من جماد، مثقف وباحث مهم يريد إقناعي أنهم وجدوا في بيت علي محسن 400 مليار دولار و600 طن ذهب، تخيلوا... وافقت على الفور، وسألته: أين هي، لماذا لم تورّد إلى خزينة الدولة لأنها من المال العام..؟!. منذ نهاية 2006م ونحن نتنقّل بين عواصم الدول بحثاً عن 5 مليارات دولار من المانحين لإنقاذ اليمن، وذهب ومبلغ علي محسن المفترضان يكفيان لبناء اليمن والخليج. في برلمانيات 2003م طلب منّي العزيز سمير اليوسفي أن أعد استطلاعاً لصحيفة «الثقافية» فكرته ترتكز على سؤال: “أين تذهب النُخبة يوم الاقتراع”؟!.. وتفاجأت أن لا أحد من ضيوفي في الاستطلاع قال إنه اقترع؛ لأن “الصندوق” في نظرهم ليس كل شيء..!!. هذا الكسل والعجز النخبوي هو الذي قاد إلى اختلاف مؤتمر الحوار، وهو الذي خدم مشاريع جماعة العنف المسلّحة التي لم تفعل شيئاً غير استثمار رخاوة هذه النُخبة العقيمة. [email protected]