يكشف موقف أحزاب اللقاء المشترك الأخير من توزيع حصص المكوّنات السياسية في الحقائب الوزارية للحكومة الجديدة عن تهرُّب واضح من تحمُّل المسؤولية ومن الوفاء بالتزاماتها الواردة في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية، كما يُعد هذا الموقف في هذه المرحلة الفاصلة التي يمر بها الوطن محاولة مفضوحة ومكشوفة لتأزيم المشهد السياسي القائم وإرباك عمل الحكومة الجديدة وتعطيل مهامها ومسؤولياتها الموكلة إليها قبل أن تبدأ. أحزاب المشترك ربطت مشاركتها بالحكومة الجديدة بإعادة النظر في توزيع حصص المكوّنات من الحقائب الوزارية وفقاً لما حدّدته في رسالتها إلى رئيس الجمهورية، متجاهلة حساسية المرحلة وما يمرُّ به الوطن من أحداث تفرض على الجميع تقديم التنازلات وعدم التشبُّث بمطالب ليست جوهرية. نحن في مرحلة شراكة وطنية؛ وقد تم توزيع الحقائب الوزارية بين مختلف المكوّنات وفقاً لمبدأ الشراكة، ولم يستهدف ذلك التوزيع أي طرف من الأطراف السياسية، بل كان الهدف هو الوصول إلى حكومة متوازنة يشارك فيها جميع الأطراف وبما يلبّي متطلبات المرحلة بعيداً عن أي حسابات أخرى. لا نرى أي مبرّر للاشتراطات التي وضعتها تلك الأحزاب للمشاركة في الحكومة، حيث إن تلك الاشتراطات جاءت بعد الموافقة من قبلها على ذلك التوزيع، وجاء تراجعها فيما بعد إثر خلافات نشبت بين مكوّنات المشترك حول نصيب كل مكوّن منها، ورأوا أن ترحيل خلافاتهم وتحويلها إلى أزمة بينهم من جهة والأطراف السياسية الأخرى من جهة ثانية أقرب من التوافق على حل خلافاتهم فيما بينهم. ولا يمكن تفسير هذا الموقف المتقلّب والمغاير لبقية المكوّنات السياسية إلا أن بعض الأحزاب ترى أن بقاء الأزمة يعد ضماناً لبقائها ومصالحها..!!. لقد غلّبت أحزاب المشترك مصالحها على المصالح العليا للوطن وعلى مجمل التوجُّهات المعتملة والهادفة إلى إخراج اليمن من أزمتها ووضع اللبنات الأساسية لبناء اليمن الجديد، ولا نتجاوز الحقيقة إذا ما قلنا إن موقف المشترك وفي هذه المرحلة الوطنية الحرجة هو إرباك للعملية السياسية وتنصُّل واضح من الالتزامات التي قطعها على نفسه لاسيما بعد أن شعر بتوجُّه جاد ومسؤول من بقية المكوّنات الأخرى نحو طي صفحة الماضي وتحقيق المصالحة الوطنية التي ستعمل على إخراج اليمن من دائرة الأزمات والعنف والصراعات، وإلا ما معنى أن تغرّد خارج سرب الإجماع الوطني..؟!.. موقف بعض الأحزاب يهدف في الأساس إلى إبقاء اليمن بلا حكومة والدفع باليمنيين نحو مزيد من الصراعات والاقتتال، وجعل الوطن ساحة مفتوحة للإرهابيين ولكل أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يسعون إلى تمزيق الوطن وتقطيع أوصاله. كان يتعيّن على تلك الأحزاب ألا تنظر إلى الحكومة من منظار الغنيمة وتسعى للحصول على أكبر قدر منها، وأن تثبت أنها مع كل الإجراءات والخطوات التي من شأنها إخراج اليمن من الأزمة، وتجسيد مبدأ الشراكة الحقيقية بما يسهم في تنفيذ اتفاق السلم والشراكة ومخرجات الحوار الوطني، إلا أن هذه الأحزاب اختارت أن تضع نفسها في موضع الخصم للشعب اليمني. [email protected]