كم يشعر الواحد منا بالحزن أن يكون في وطن يعيش فيه المجرم بين ظهرانينا وربما تبادلنا معه الابتسامات أو ألفاظ السلام ونحن لا نعلم بأنه هو المجرم الذي يتصيّد أرواح الأبرياء متى أراد, وأفظع من ذلك أن يمشي القاتل في جنازة المقتول مترحّماً عليه!! أمِنَ الرجولة أن تمتد يدٌ آثمة إلى مُسنٍّ جاوز السبعين من عمره؟ إلى رجل مُسالم لا يحمل السلاح ولا يتحرّك بموكب مهيب, ومرافقين مدجّجين بالسلاح, وإنما اعتاد أن يخرج من بيته مترجّلاً في وطن أحبّه وكان حتى آخر يوم من حياته يرفض التخلّي عنه, لا سيما في أصعب الأوقات, وما برح أن جنّد نفسه مع آخرين لمهمة التقريب بين القوى السياسية حُباً في جمع اليمنيين على كلمة سواء في زمن خفَتَ فيه صوت العقل وندر فيه الحكماء. أهذه رجولتكم أيّها القتلة؟ ألم يستحِ الله من كل ذي شيبة في الإسلام؟ فكيف إذا كان هذا الكهل سياسياً حكيماً وشخصية جامعة ومحاوراً ناجحاً ومثقفاً متواضعاً وباحثاً متنوّراً وأكاديمياً خبيراً ووطنياً مخلصاً بحجم الدكتور محمد عبد الملك المتوكل؟. باستشهاد المتوكل نصحو اليوم على وطن موجوع تجاوز معه الأعداء الحد في العداء والخصومة, فالمصاب جلل, والحادث أليم, يجعل اليمنيين أمام مستقبل مجهول, ما دمنا قد وصلنا إلى مرحلة لا أمن فيها يحمي الناس ويُحاصر جماعات القتل والإجرام, ولا عملية سياسية تُحافظ على الوطن وتحميه من السقوط بين براثن الفوضى والهمجية. لن ننتظر الكشف عمّن يقتل الأبرياء, فقد سئمنا من الانتظار, وشبعنا سماع ما يُسمّي الأشياء بغير مسمّياتها.. كل ما ننتظره أن يُسقط القاتل نفسه بنفسه؛ لأننا نراه يتهيأ ذاتياً لنهايته المحتومة, فقد أفلس من كل الأخلاقيات, وارتكب أفظع الجرائم وبلغ السيل الزُبي. رحم الله الشهيد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل وأسكنه فسيح جنّاته, ولا نامت أعين الجبناء. [email protected]